فهرس الكتاب
الصفحة 55 من 189

قال: (وآية النفاق بغض الأنصار) ، وذلك لفضل الأنصار ومنزلتهم، وإنما كانت منزلتهم كذلك لمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، والأنصار كانوا قبل قدوم النبي عليه الصلاة والسلام على قسمين: وثنيين وهم الأوس والخزرج، وأهل كتاب وغالبهم من اليهود، سواء كانوا من بني قريظة أو من بني النظير ممن أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيدخلون في هذه الدائرة، وغلب على الأوس والخزرج أنهم ناصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم لدخول مجموعهم في طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأطلق على الأوس والخزرج أنهم الأنصار، وحب هؤلاء من الإيمان؛ وذلك لعملهم وطاعتهم واقتدائهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولحب النبي عليه الصلاة والسلام لهم، فالواجب على الإنسان أن يحب محبوبه، ويحب ما يحبه من الأشخاص، وكذلك أيضاً من المعاني، فالإنسان يستطيع أن يحكم على أحد بالإيمان بوجود القرينة المتعدية لحبه لما يحبه المحبوب، فمن ادعى محبة النبي عليه الصلاة والسلام وكره ما يحبه ذلك المحبوب فهذا أمارة على كذبه، وهذا من جملة النفاق؛ لأن انصراف المحبة للمجموع إنما يقع على حب ما يشتركون فيه، وما يشترك فيه الأنصار يتباينون فيه من جهة المال، ويتباينون من جهة الجمال، ويتباينون من جهة الحسب، ويتباينون من جهة النسب، ويشتركون بشيء واحد وهو نصرة النبي عليه الصلاة والسلام، فمن كره مجموعهم كره ما اشتركوا فيه، وهو ما اختص به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحبة، فدل هذا على أن محبتهم هي محبة للنبي عليه الصلاة والسلام، وأن كرههم هو كره لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن ادعى الكره لغير ذلك فإنه كاذب في هذا لتباينهم في تلك المرتبة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام