القول الثاني: وذهب إليه جماعة من العلماء واختاره ابن تيمية رحمه الله، وهو أن الإنسان إذا وقع الإيمان في قلبه ولم يتمكن من النطق بالشهادتين لعدم وجود الملقن، أو عدم معرفة حقيقة الدخول في القول أو العمل، فهذا يدخل في الإسلام، وحكمه حكم أهل الإسلام، وأما ضده فلا، فالذي ينطق بالشهادتين ولا يعلم معناها، أو لم يعمل بمقتضاها فهذا لا يدخل في الإيمان؛ ولهذا ذكر الإيمان؛ لأنه يخفيه، وجعله في مقابل النفاق، وذكر أيضاً المحبة؛ لأن محلها من جهة الأصل في القلب، فلما لم يستطيع أحد أن يظهر ثمرة المحبة لكل أحد خوطب القلب بذلك؛ لهذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ، قال: (لأخيه) ، لأن الإنسان يملك المحبة القلبية للجميع، ولكن لا يستطيع أن يبذل المحبة البدنية بنفع الناس بجسده؛ لأن هذا مما لا يطيقه أحد من الخلق، أما المحبة القلبية، فيستطيع أن يحب أهل الإيمان من الشرق والغرب؛ لأنهم يدينون لله جل وعلا بالتوحيد، فخوطب بالمحبة القلبية ولم يؤمر بذلك بالجوارح؛ لأن تطبيقه متعذر؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (آية الإيمان حب الأنصار) ، فيكتفى بوجوده ذلك في القلب.