والمراد من هذا اليقين هو ما يقع في قلب الإنسان من تصديق لله سبحانه وتعالى، وما يتبعه من عمل الجوارح وقول اللسان؛ لأن الإنسان إذا تحقق فيه يقين القلب تاماً فإن عمل الجوارح وقول اللسان سيصبح تاماً إلا لمانع خارج عن الإنسان لا داخل فيه؛ لأن الموانع على نوعين: موانع داخل الإنسان، وموانع خارجة عنه، فالموانع الداخلة: هي التي تتعلق بالأعمال القلبية، وأقوال اللسان، وعمل الجوارح، ومعنى المانع في ذاته، أنه لا يريد بنفسه كالعلل النفسية من الملل والسآمة والكره وغير ذلك، أو العلل البدنية كالعرج أو العمى ونحو ذلك، منها ما يعذر به الإنسان، ويكتب له الأجر في حال ورود العذر إذا وردت النية، ومنها ما لا يعذر بها الإنسان لكونها قاصرة عن عذره، أو لكونه قد تسبب في وجودها، فالإنسان الذي يقول إنني أمل من العبادة ولا أحب العبادة فهذا سبب داخل فيه، هذا لم يتحقق فيه اليقين، أما من تحقق فيه اليقين وهو داخل فيه لا بد أن يتحقق فيه القول والفعل لورود الإيمان؛ لهذا قال على سبيل التفسير: (اليقين هو الإيمان كله) .وأما الأمور الخارجة عن الإنسان: وهي الإكراه الذي يمنع الإنسان، وهو على نوعين: إكراه ملجئ، وإكراه غير ملجئ، ومنها ما يرخص فيه الإنسان، ومنها ما لا يرخص على خلاف في نوع المسألة، وكذلك نوع الإكراه.
قال رحمه الله: [وقال ابن عمر: لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما حاك في الصدر] .