وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يخشون على أنفسهم من النفاق، وكانوا يحذرون من ذلك؛ لهذا ينبغي للإنسان أن يحذر منه، وأعظم ما يحذر الإنسان به من ذلك هو ما يتعلق بعبادة السر، فكلما أكثر الإنسان من عبادة السر حيث لا يراه إلا الله كان ذلك مما يقوي أعمال الظواهر، وأكثر الناس الذين يعانون من الرياء والسمعة سبب ذلك أنه ليس لديهم عبادة في السر، ومعنى عبادة في السر، يعني: هل لديك صلاة لا يعلم بها أحد؟ هل لديك تسبيح وتهليل وصدقة لا يراها أحد، تسر بها؟ هذه تقوي أوتاد العمل الظاهر، ولهذا جاء عند ابن عساكر في تاريخ دمشق من حديث عمران، أنه سأل حذيفة عليه رضوان الله تعالى فقال: هل أنا من المنافقين؟ قال: أتصلي إذا خلوت؟ قال: نعم، قال: فما جعلك الله منافقاً. فالإنسان الذي ليس له عبادة إلا أمام الناس، ليس له سنة يتخفى بها، وليس له تسبيح وتهليل واستغفار وتضرع لله ودعاء وصدقة في حال الخفاء، هذا هو الذي يعاني من النفاق، وهذا يقع فيه لا محالة، فعليه أن يقلل النفاق الظاهر بعبادة السر، وكلما أكثر الإنسان من عبادة السر قل باب النفاق عنده؛ لهذا نقول: فضلت عبادة الليل على عبادة النهار؛ لكونها في الخفاء، وهي أقرب إلى الإخلاص من غيرها.
قال رحمه الله: [باب قيام ليلة القدر من الإيمان. حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب، قال: حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يقم ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) ] .