فهرس الكتاب
الصفحة 10 من 189

الرواية الثانية الذين يقولون: إن الإيمان هو تصديق القلب، وأما بالنسبة لعمل الجوارح فهو شرط صحة خارج عن الإيمان، أو شرط كمال أو ركن، وهذه أقوال أهل الإرجاء، ويسلك هذا المسلك الماتريدية الذين وافقوا أهل الرأي على هذا القول، وهو مخالف لعقيدة أهل السنة والجماعة والسلف الصالح في ذلك، والذي عليه الإجماع أن الإيمان هو قول واعتقاد وعمل نص على ذلك جماعة من الأئمة، كما جاء عن سعيد بن جبير ومجاهد والحسن وسليمان بن يسار وسعيد بن المسيب وعكرمة وغيرهم من أئمة السلف، وكذلك هو قول أئمة الإسلام من التابعين وأتباع التابعين، وحكي الإجماع على هذا كما حكاه الإمام الشافعي رحمه الله، ونص على هذا الإجماع جماعة كالإمام النووي رحمه الله وغيره. والزيادة تكون بالطاعة، والنقصان يكون بالمعصية، وفي النقصان ينقص الإيمان حتى يتلاشى من العبد، وأما الزيادة فلا حد لها حتى في النبي المرسل؛ ولهذا في قول الله سبحانه وتعالى حينما قال إبراهيم: أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي [البقرة:260] ، قال بعض المفسرين وهو قول سعيد بن جبير: يعني ليزداد إيماني، وهذا في مقام إبراهيم إمام الحنيفية السمحة، والمراد بذلك أنه يرتقي من علم اليقين إلى عين اليقين، وهي مرتبة علية للمراتب العليا فيما فوق الصديقية، وهي لمراتب الأنبياء، والناس يتباينون في ذلك بقدر ثبوت أسباب اليقين والإيمان في قلوبهم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام