فهرس الكتاب
الصفحة 62 من 189

ثم قال صلى الله عليه وسلم: (فمن وفى منكم فأجره على الله) ، أي: من وفى فيما أمر الله جل وعلا به فقد وقع أجره على الله، والله سبحانه وتعالى يجزيه في ذلك ثواباً جزيلاً، وينبغي أن يعلم أن الثواب إذا أضمر في الدليل فإن ذلك دليل على فضله ومنزلته وعظمه، وإذا ذكر بعينه فإن ذلك دليل على قصوره عليه، وإذا أضمر العقاب فهذا دليل على عظمه عند الله؛ ولهذا أضمر الشارع ثواب الصائم، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم عن ربه جل وعلا: (كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) ما هو الثواب؟ وكيف يكون التضعيف؟ أمره إلى الله، فإذا أضمر فإن هذا دليل على تعظيمه، وفضل الله عز وجل في ذلك واسع. قال: (ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له) ، الإنسان إذا وقع في شيء من الذنوب والمعاصي فنزل عليه عقاب، مثلاً: زنا وهو غير محصن فجلد، أو عزر على شيء من الذنوب وقع فيها فإن ذلك كفارة له، وهذا عند جماهير العلماء. ووقع في هذه المسألة خلاف هل له كفارة بمجرد وقوع ذلك العقاب، أو يلزم من ذلك التوبة؟ اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين: ذهب جمهور العلماء إلى أنه كفارة لظاهر هذا الحديث، قال: (فهو كفارة له) ، وذهب بعض العلماء إلى أن هذا ليس بكفارة، واستدلوا بحديث أبي هريرة في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا أدري أيكفر الله عز وجل للإنسان ذنبه أم لا؟) ، يعني: إذا عوقب على ذلك، وهذا غايته أنه لا يعلم متى ورد الدليل السابق من اللاحق، وإن كان أبو هريرة عليه رضوان الله تعالى ممن تأخر إسلامه، إلا أنه يقال: إن في هذا الحديث ظهوراً وهو الأليق أن يحمل عليه فضل الله عز وجل أن ينزل على عبده عقابين، ومعلوم أن العقاب الذي نزل على الإنسان هو من الله سبحانه وتعالى.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام