قال صلى الله عليه وسلم: (ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له) ، الذي شرع الحدود هو الله سبحانه وتعالى، فإذا أنزل العقاب على عبد لذنب وقع فيه فرحمة الله عز وجل ولطفه يقتضي ألا ينزل عليه العقاب مرة أخرى، وأما بالنسبة للتوبة فإن التوبة تقع من النفس الزكية المقبلة على الله عز وجل، وهي التي تزيل الذنب إذا صدق الإنسان في توبته تلك، فإن الله عز وجل يقبلها من عبده، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له. قال صلى الله عليه وسلم: (ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله فهو إلى الله) ، وهذا دليل على أن الإنسان إذا وقع في الذنب فهو على حالين: إما أن يعاقب على ذلك في أمر الدنيا فذلك كفارة له، وإما أنه لم يعاقب وستره الله، فهذا نقول: لا يخلو من حالين: إما أن يتوب إلى الله ويصدق في توبته، فالمرجو من الله عز وجل أن الله يقبل توبة عبده، وإذا لم يتب فأمره إلى الله، وإذا تاب الإنسان فقبل الله عز وجل توبته فهو كمن لا ذنب له، ومن العلماء من قال: إنها لا تمحى من صحيفته ويقر بها يوم القيامة ولكن لا يعذب عليها. وهنا قال صلى الله عليه وسلم: (ثم ستره الله) ، ثم قال: (فهو إلى الله) ، وما قال: فليبادر إلى إقامة الكفارة عليه، وإنما أرشده إلى التوبة، كذلك أيضاً فيه الإشارة إلى أهمية وفضل ستر الله، ومن ستره الله عز وجل فيجب عليه أن يستر نفسه، وألا يبدي ذنبه، فإن وقوع الإنسان في الذنب إثم، ووقوع الإنسان في الإعلان والمجاهرة بذنبه ذنب آخر، فقد أضاف إلى ذنبه ذنباً؛ لأن الله عز وجل توعد الذين يحبون إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا.