ذكر النبي صلى الله عليه وسلم جملة من الأحكام الشرعية التي يحتاج إليها في زمنه، وإنما خص منها السرقة، وأخذ أموال الناس، وقطع الطريق، وكذلك الوقوع في الزنا، والاستهانة بالأعراض؛ لاشتهارها عندهم، فإن الزنا مما يشتهر عندهم خاصة الزنا بالإماء، بل كان لأشراف قريش وسادتهم إماء يتاجرون بها ويكسبون منها الأموال؛ ولهذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن كسب الأمة؛ لأن غالب كسبها في ذلك الزمن هو من الأمر الحرام. قال: (ولا تقتلوا أولادكم) ، وإنما خص النبي عليه الصلاة والسلام قتل الأولاد؛ لاشتهاره، ولم يذكر القتل فيما عداه؛ لاستقرار ذلك الأمر وشناعة قتل الأولاد، (والنبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك. قيل له: ثم ماذا؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك) ، وقتل الأولاد خشية أن يطعم مع الإنسان أو لغير لذلك هذا لا شك أنه من أكبر الكبائر، وإنما ذكر الأولاد هنا ومع أن غالب ما يفعله الجاهليون من العرب هو قتل الإناث، فهم يقتلون الإناث للمعرة والفاقة، ويقتلون الذكور خشية الفاقة فقط، إذاً: فقتل الذكور هنا ليس للمعرة، وإنما هو خوف الفقر، وأما بالنسبة للبنات فإنهم يقتلوهن للفقر وخشية المعرة.