ولهذا كثير من الناس يسلمون ويبقون على ما هم عليه، أو تسلم المرأة وتبقى على تبرجها وسفورها واختلاطها بالرجال وغير ذلك من المحرمات، إذا دخل الرجل أو المرأة في الإسلام وبقي على ما هو عليه من الكبائر أو الذنوب، فهذا أسلم ولم يحسن إسلامه؛ ولهذا نقول: دخوله في الإسلام لا يكفر ما كان عليه في الجاهلية مما أصر عليه في الإسلام، وما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في صحيح الإمام مسلم من حديث عمرو في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإسلام يهدم ما قبله، والهجرة تهدم ما قبلها، والحج يهدم ما قبله) ، المراد بهدم الإسلام لما قبله أي: لما كان عليه الإنسان ثم انسلخ منه بالكلية إحساناً لما كان عليه، وأما الكافر إذا دخل في الإسلام وأصبح على ما كان عليه من ذنوب، فهذا لا يكفر الله عز وجل عنه تلك الذنوب السابقة، فإن شرب الخمر حال كفره أخذ بالجاهلية والإسلام؛ ولهذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (من أحسن إسلامه لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بما أساء في الإسلام والجاهلية) إشارة إلى أن الإنسان عند وقوعه في الذنوب والمعاصي في حال الجاهلية، لا بد أنه يعلم أن هذه الأمور محرمة، ويقع فيها سرفاً على نفسه، كمثل بعض أتباع الشرائع المبدلة، أو بعض الكفار من الوثنيين، يعلمون أن الزنا حرام ويقعون فيه، ويعلمون مثلاً أن التعري حرام ويقعون فيه، ويعلمون أن الشذوذ محرم ويقعون فيه، ولكنهم على شيء من شريعة مبدلة، وما وقعوا فيه من مخالفة أمر الله هو ضعف إيمان في عملهم بالنسبة لشريعتهم كما يكون المؤمن ضعيف الإيمان في دينه. فيوجد من المؤمنين من يشرب الخمر وهو في الإسلام، كذلك يوجد من أهل الكتاب من يخالف ما يجده من محرمات في شريعته المبدلة، التي لم يطرأ على حكمها تبديل، فخالف فيه الحق، فيقع في الإثم؛ لأنه يعتقد أنه حق فوقع في مخالفته؛ لذلك يؤاخذ بالجاهلية والإسلام.