فهرس الكتاب
الصفحة 137 من 189

وبقي الجهاد بما يتعلق بالسنان، وفضله ومنزلته عظيمة وجليلة القدر، ويكفي في ذلك أن الله عز وجل يغفر لمن قُتل في سبيله كل خطيئة اقترفها يمينه من أول قطرة تخرج منه، إلا الدين، ويكفي في ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام تمنى أن يقتل في سبيل الله، وأن يحيى ويقتل، وأن يحيى ويقتل لمنزلة المجاهد والقتيل في سبيل الله، كما جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (وددت أن أقاتل في سبيل الله ثم أقتل، ثم أحيا، ثم أقتل، ثم أحيا، ثم أقتل) ، والجهاد في الغالب يحتاج إلى الشدة والقسوة على المخالفين في الحق، وسبب ذلك أن كثيراً من القلوب تحتاج إلى ضرب، وهذا الضرب، كحال الإنسان الذي يأتي مثلاً إلى بساط قد تراكم عليه الغبار ونحو ذلك فيضربه حتى يزيل ذلك، كذلك القلوب يكون عليها من الران والغشاوة فتحتاج إلى رهبة وتحتاج إلى سياط، تسوطها إما بالسيوف أو كذلك بالكلمات ونحو ذلك، حتى يوجل الإنسان؛ ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام لما دعا بمكة فترة طويلة ما آمن له إلا قليل، لكن لما رفع السيف نفض الغبار الذي على القلوب وأصبحت ناصعة؛ ولهذا يقول حسان بن ثابت: دعا محمد دهراً بمكة لم يجبوقد لان منه جانب وخطاب فلما دعا والسيف صلت بكفهله أسلموا واستسلموا وأنابوالماذا؟ لأن الحقيقة زالت، فكأنه أتاهم بشيء من المنظفات فأصبح الزجاج واضحاً، والسبب في ذلك أن القلوب تحتاج إلى تخويف، وهذا التخويف يكون بالتهديد والوعيد والترهيب والإقذاع، ويكون كذلك أيضاً بضرب السياط الكريمات ببيان الحجج، وكذلك أيضاً ببيان العقاب لهؤلاء المخالفين عند الله سبحانه وتعالى، وما أعد لهم في النار، وكذلك أيضاً ما أعد لهم من العذاب عذاب الدنيا وعذاب القبر، هذا مما يعيد القلوب ويجعلها تتأمل وتتفكر، فهذه القوة مطلوبة، واللين كذلك مطلوب.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام