وأما الدعوات العصرية التي يقول أصحابها: نحن في زمن اللين والمسامحة والرأفة والرحمة فإذا لطمك بخدك الأيمن وجهه إلى الأيسر، ونحو ذلك، ودعوى التشديد، وكذلك أيضاً منابذة الناس ونحو ذلك، هذه كلمات لطيفة وهي من المعاني الجميلة، ولكن يراد بها باطل، وعلى هذا نهدر كثير من آيات الوعيد في القرآن وكذلك في السنة، وجهاد النبي عليه الصلاة والسلام، بل إن سائر الأنبياء أيضاً كانوا يجاهدون ويقاتلون، وهذا ظاهر في هذا السياق في قول النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلي) ، يعني: في هذا الأمر أن الدافع لذلك هو الإيمان بالنبي عليه الصلاة والسلام وأن شريعة سائر الأنبياء هي على هذا الأمر، وثمة قول بأن الجهاد إنما فرض على الأمة المتأخرة، ولم يكن من شرائع الأمم السابقة، ولكنها دعوة مجردة. وفي قوله: (انتدب الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا إيمان وتصديق برسلي) الأصل أن المراد بذلك هو الاحتساب والطاعة، ولكن إذا احتفت بذلك قرينة فإنه ينصرف إلى الجهاد في سبيل الله، وغلب في اصطلاح العلماء في قوله: (في سبيل الله) أنه ينصرف إلى الجهاد، وهي المقاتلة باللسان، والمقاتلة بالسنان.