فهرس الكتاب
الصفحة 64 من 737

الحمام عنده إنما صوّت شوقاً إلى الألفة وبكى، فكأنه ناطق إذ عرف ما أراد [1] .

وفي قوله تعالى: {وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً} [يوسف: 19] ، أورد الفيروزآبادي أقوال العلماء فيها بعد أن فسرها بقوله: أي: أخفوها، وقال أبو عبيدة: أي: أظهروها وأنكر عليه الأزهري وقال: إنما يقال أشروا بالمعجمة إذا أظهروا وأسروا ضد أشروا.

وقال قطرب [2] : أَسَرَّهَا كبراؤهم من أتباعهم، قال ابن عرفة: لم يقل قطرب شيئاً وإنما اخبر الله عنهم أنهم اظهروا الندامة حتى قالوا: {يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ} ... [الأنعام: 27] ، وحتى قالوا: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ} [الأعراف: 53] ، فقد بين الله إظهارهم [3] .

فيتبين لنا أنَّ الفيروزآبادي لم يقف مع ما ينقله للعلماء من أقوال موقف الناقل بل المرجح والناقد فقد بدأ بتفسير هذه الآية على أنها (الأسرار) ثم نقل أقوالاً للعلماء ختمها بقول ابن عرفة ليتوضح لنا إِنَّ ما ذهب إليه ابن عرفة من رده على قطرب هو الراجح من القول، هذا جانب.

(1) ينظر البصائر: 5/ 80، بصيرة في نطق.

(2) هو: محمد بن المستنير أبو على البصري المعروف بقطرب أحد العلماء بالنحو واللغة أخذ عن سيبويه وعن جماعة من علماء البصريين ويقال أنَّ سيبويه لَقَّبَةُ قطرباً لمباكرته إياه في الأسحار قال له يوما ما أنت إلاّ قطرب ليل والقطرب دويبة تدب ولا تفتر، نزل قطرب بغداد وسمع منه بها أشياء من تصانيفه، وكان موثقا فيما يحكيه، وله من التصانيف كتاب معاني القرآن وغريب الحديث وإعراب القرآن والمثلث في اللغة وكتاب الرد على الملحدين في متشابه القرآن ومتشابه القرآن ومجاز القرآن وغير ذلك توفيَ سنة 206 هـ. ينظر: تاريخ بغداد: أحمد بن علي أبو بكر الخطيب البغدادي، ت 463هـ، دار الكتب العلمية - بيروت، (د. ط) ، (د. ت) ، (د. تح) 3/ 298، ومعجم الأدباء 5/ 445، وطبقات المفسرين للداودي ص 28.

(3) ينظر: البصائر 3/ 206 - 207، بصيرة في السر.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام