أما الجانب الآخر فيتوضح من هذا المثال أيضاً أنَّ ابن عرفة قد فسر هذه الآية من القرآن بالقرآن نفسه وهذا منهج التزمه أكثر المفسرين ولاسيما كتب التفسير بالمأثور.

ومن ذلك قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] ، ينقل الفيروزآبادي إشارة ابن عرفة إلى حديث أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) ، ويؤيده بالقرآن أيضاً ليدعم ما قالته العرب في معنى (الورود) .

قال ابن عرفة: الورود عند العرب: موافاة المكان قبل دخوله وقد يكون الورود دخولاً ويبين ذلك حديث أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) عن النبي - صلى الله عليه وسلم: (أَنَّه ليس بدخول) [1] ، ويؤيد ذلك القرآن ألا تسمع قوله تعالى: ... {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [الأنبياء: 101 - 102] .وقوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ} [القصص: 23] أي: بلغه [2] .

(1) ذكره القاضي عياض. إكمال المعلم شرح صحيح مسلم: القاضي عياض بن موسى بن عياض اليحصبي السبتي المالكي، أبو الفضل، ت 544 هـ، 7/ 273، مشارق الأنوار على صحاح الآثار: القاضي عياض بن موسى بن عياض اليحصبي السبتي المالكي، أبو الفضل، ت 544 هـ، المكتبة العتيقة ودار التراث، 2/ 283.

(2) ينظر: البصائر 5/ 196 - 197، بصيرة في ورث وورد.