فهرس الكتاب
الصفحة 612 من 737

تخرج من الصَّفَا، وقيل: من عند الحَجَر الأَسْود [1] .

خامساً: نزول الدُّخَان من السماء:

والآية التي تشير إلى ذلك على رأي بعض المفسرين قوله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) } [الدخان:10 ـ 11] ، فقد روي عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وغيرهما في تفسير الآية: أن الدخان المذكور هو دخان يأتي يوم القيامة فيأخذ المؤمن كصيد الزكام، ويدخل مسامع الكفار والمنافق حتى يكون كالرأس الحنيذ، أي: المشوي على الرضف، ويرى عبد الله بن مسعود وغيره أَنَّ المقصود بذلك ما أصاب قريشاً من الجهد والجوع حتى أكلوا العظام والميتة، وجعلوا يرفعون أبصارهم إلى السماء فلا يرون إلا الدخان استجابة لدعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليهم كسنين يوسف، وحاول النووي أن يجمع بين القولين قائلاً:"ويحتمل أنهما دخانان للجمع بين هذه الآثار" [2] ، ورجح ابن كثير الرأي الأول للأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان الواردة من ذلك مما فيه مقنع ودلالة ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة، وقد وصفه القرآن {بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان:10] ، أي: واضح يراه كل واحد [3] .

وأخرج الطبراني عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه -، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَجَارَكُمْ مِنْ ثَلاثِ خِلالٍ: أَنْ لا يَدْعُوَ عَلَيْكُمْ نَبِيُّكُمْ فَتَهْلِكُوا جَمِيعًا، وَأَنْ لا يَظْهَرَ أَهْلُ الْبَاطِلِ عَلَى أَهْلِ الْحَقِّ، وَأَنْ لا تَجْتَمِعُوا عَلَى ضَلالَةٍ، فَهَؤُلاءِ

(1) البصائر 2/ 285، بصيرة في الدب.

(2) شرح النووي على صحيح مسلم 18/ 350.

(3) ينظر: تفسير القرآن العظيم 4/ 139، والدين الخالص 1/ 94.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام