فهرس الكتاب
الصفحة 564 من 737

من العَجْز الذي هو زوال القدرة عن الإِتيان بالشيء من عمل أَو رأْى أَو تدبير. والذي يظهر على الخلق من هذا المعنى ثلاث درجات: مَخْرقة وكرامة (ومعجزة) .

وبين المَخْرقة والمعجزة فروق كثيرة.

منها أَنَّ المَخْرقة لا بقاءَ لها، كعِصِيّ سَحَرة فرعون، والمعجزة باقية، كعصا موسى - عليه السلام -.

ومنها أَنَّ المَخْرقة لا حقيقة لها، ولا معنى؛ لأَنَّ بناءَها على الآلات، والحِيل؛ والمعجزة لا آلة لها، ولا حيلة. ومنها أَنَّ العوامَّ يعجزون عن المَخْرقة، وأَمَّا الحُذَّاق والأَذكياءُ فلا يعجِزون عنها. وأَمَّا المعجزة فالخواصّ والعوامّ على درجة واحدة في العجز عنها.

ومنها أَنَّ المَخْرقة متداولة بين النَّاس في جميع الأَزمان غير مختصَّة بوقت دون وقت، وأَمَّا المعجزة فمختصَّة بزمان النبوّة، خارجة عن العُرْفِ، خارقة للعادة.

ومنها أَنَّ المَخْرقة يمكن نقضها بأَضدادها، ولا سبيل للنَّقض إِلى المعجزة" [1] ."

ثم يتكلم عن الفرق بين المعجزة والكرامة ويعرف المعجزة من خلال هذه الفروق بقوله:"وأَمَّا الفرق بين المعجزة والكرامة فهو أَنَّ المعجزة مختصَّة بالنبيّ دائما، ووقت إِظهارها مردَّد بين الجواز والوجوب، ويُقرن بالتحدِّي، وتحصل بالدُّعاءِ، ولا تكون ثمرةَ المعاملات المَرْضِيَّةِ، ولا يمكن تحصيلها بالكسب والجهد، ويجوز أَن يحيل النبيّ المعجزة إِلى نائبة، لينقلها من مكان إِلى مكان كما في شمعون الصَّفا الذي كان نائباً عن عيسى - عليه السلام - في إِحياء الموتى، وأَرسله إِلى الرُّوم، فأَحيا الموتى هناك. وأَيضاً يكون أَثر المعجزة باقيا بحسب إِرادة النبيّ، وأَمَّا الكرامة فموقوفة"

(1) البصائر 1/ 65 في ذكر إعجاز القرآن وتميزه بالنظم المعجز عن سائر الكلام.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام