لكِ أُمِّي أَعْطِني نَفْساً أَو نَفْسيْنِ أَمْعَسُ به مَنِيئَتي فإِني أَفِدَةٌ. أي: مستعجلَةٌ لا أَتفرَّغُ لاتخاذِ الدِّباغ.
وقال ابنُ الأَعرابي: النَّفْسُ: العَظَمةُ، والنَّفْسُ: الكِبْرُ، والنَّفْسُ: العِزَّةُ، والنَّفْسُ: الهِمَّةُ، والنَّفْسُ: الأَنْفَةُ.
والنَّفْسُ بالتحريك: واحدُ الأَنْفاسِ. وفى الحديث: (أَجِدُ نَفَس رَبِّكم من قِبَلِ اليَمَن) [1] وهو مستعار من نَفَسِ الهَواءِ الذي يَرُدُّه المُتَنَفِّس إِلى جَوْفه فيُبْرِد من حرارته ويُعدِّلها، أَو من نَفَسِ الرِّيح الذي يَتَنَسَّمُه فيَسْتَرْوح إِليه وينفِّس عنه، أَو من نَفَس الرّوضة، وهو طِيبُ روائحها الذي يتشمّمه فينفرج به لِمَا أَنْعَمَ به ربّ العِزَّة من التَنْفِيس والفَرَج وإِزالَة الكُرْبَة. ومنه قولُه - صلى الله عليه وسلم: (لا تَسُبُّوا الرِّيح فإِنَّها من نَفَسِ الرَّحْمن) [2] ، يريد بها أَنَّها تفرّج الكرب وتنشر الغَيْثَ وتُنْشِئُ السّحاب، وتُذْهِب الجَدْب. وقوله: من قِبَلِ اليمن أَراد به ما تيسّر له من أَهل المدينة على ساكنيها السّلام من النُّصْرَة والإِيواءِ، ونَفَّسَ الله الكرب عن المؤمنين بأَهْلِها، وهمَ يمانون. ويقال: أَنت في نَفَس من أَمْرِك، أي: في سَعَة، واعْمَلْ وأَنْتَ في نَفَس من عُمْرِك، أي: في فُسْحَةٍ قبْلَ الهَرَم والمَرَض ونحوهما. قال: الأزهري: النَّفَسُ في هذين الحديثين اسمٌ وُضِع موضع المصدر الحقيقي من نَفَّس يُنَفِّس تَنْفِيساً وَنَفَساً، كما يقال: فَرَّج يُفَرِّجُ تَفْرِيجاً،
(1) أخرجه الزيلعي في تفسير سورة النصر، رقم 1552، الحديث الرابع: تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف للزمخشري: جمال الدين عبد الله بن يوسف بن محمد الزيلعي، ت 762هـ، دار ابن خزيمة - الرياض، الطبعة الأولى 1414هـ، تحقيق: عبد الله ابن عبد الرحمن السعد، 4/ 315.
(2) أخرجه النسائي عن أبي بن كعب - رضي الله عنه - في سننه الكبرى، ما يقول إذا هاجت الريح، رقم 10772، 6/ 232، وكذلك في عمل اليوم والليلة: أحمد بن شعيب بن علي النسائي أبو عبد الرحمن، ت 303هـ، مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الثانية 1406، تحقيق: الدكتور فاروق حمادة. ما يقول إذا هاجت الريح، رقم 935، 1/ 521. وأخرجه الحاكم في المستدرك عن أبي بن كعب - رضي الله عنه - أيضاً. المستدرك على الصحيحين: كتاب التفسير، من سورة البقرة، رقم 3075، 2/ 298.