فهرس الكتاب
الصفحة 169 من 737

وجاء في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم: (كَلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ) [1] .

وعن عِيَاضِ بن حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال ذَاتَ يَوْمٍ في خُطْبَتِهِ فيما يرويه عن رب العزة: (ألا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ ما جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يومي هذا كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلالٌ وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عن دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عليهم ما أَحْلَلْتُ لهم وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي ما لم أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا) [2] .

هذا فيما يخص الفِطَرَ السليمة، أما الإلحاد والشرك فهو أمر طارئ عن الفطرة، يحصل بسبب وجود عوامل خارجية خارجة عن الفطرة من تربية خاطئة، أو وسواس شيطاني، أو هوى متبع، أو تقليد للآباء والموروثات الخاطئة، حتى تتكدر الفطرة وينطفئ نورها، فيحصل للإنسان من الضلال والانحراف.

وقد وُجِدَتْ نماذج أخرى من الشرك في التاريخ القديم كالدهريين الذين أنكروا البعث، ونسبوا الموت للدهر بدلاً من الله تعالى، وتطورت الفكرة إلى الإلحاد مصطلحاً معاصراً، يعني مذهباً فلسفياً يقوم على فكرة عدمية أساسها إنكار وجود الله الخالق سبحانه وتعالى، ومع ذلك فهم قلة، إذ كان الانحراف الأكبر هو الشرك بالله سبحانه وتعالى، فبعث الله الرسل والنبيين، وأنزل الكتب لتكميل هذه الفطرة وتنميتها، لتقوم الحجة على الناس، لهذا كان الثواب مترتباً على إرسال الرسل، وإنزال

(1) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين، رقم 1319، 1/ 465، صحيح مسلم، كتاب القدر، بَاب مَعْنَى كل مَوْلُودٍ يُولَدُ على الْفِطْرَةِ وَحُكْمِ مَوْتِ أَطْفَالِ الْكُفَّارِ وَأَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ بلفظ: (ما من مَوْلُودٍ إلا يُولَدُ على الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ) رقم 2658، 4/ 2047.

(2) أخرجه مسلم في صحيحه، كِتَاب الْجَنَّةِ وَصِفَةِ نَعِيمِهَا وَأَهْلِهَا، بَاب الصِّفَاتِ التي يُعْرَفُ بها في الدُّنْيَا أَهْلُ الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ، رقم 2865، 4/ 2197، وابن حبان في صحيحه، ذكر الإخبار عن الخصال التي يجب على المرء تفقدها من نفسه حذر إيجاب النار له بارتكاب بعضها، رقم 653، 2/ 422.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام