أَمَّا لفظة (بديع) فقد جاءت مرتين فقط، وهما في قوله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117) } [البقرة:117] ، وقوله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) } [الأنعام:101] .
وكل هذا ربط في العرض القرآني بين خلق السماوات والأرض وما بينهما، وبين بناء العقيدة وأغراضها الكبرى، كإثبات وجود الله سبحانه، وتوحيده، وتنزيهه.
ثُمَّ إذا ما تأَمَّلْنَا في لفظ (صنع) ، نحو قوله تعالى: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل:88] ، يقول جوهري طنطاوي معلقاً على هذه الآية:"إِنَّ هذه الآية بديعة الوضع، محكمة الصنع، والآية إذا فسرت بأَنَّ الأرض دائرة حول الشمس، والجبال بالصنع سائرة معها، ونراها الآن جامدة، وهي في الحقيقة جارية جرياً سريعاً جداً فذلك يناسب قوله {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} ، فهذا هو الإتقان 000 والإتقان يناسب هذا التفسير" [1] .
من هذا ومن كلام أهل التفسير لهذه الآية فإِنَّ صنع الله المُتْقَنِ الذي نراه جَلِيّاً في صفات الكون يدل دلالة واضحة على أَنَّ الفاعل المريد هو الله الذي لا شريك له، تقف أمام عظمته عقول المدركين، وتطيش أمام صنعه جهابذة المحققين، وفي الإشارة إلى بديع صنعه، وعظيم اختراعه. وليس ذلك إلاّ لله تعالى.
(1) الجواهر في تفسير القرآن الكريم: الشيخ جوهري طنطاوي، مطبعة البابي الحلبي ـ مصر، الطبعة الثانية 1350هـ، 13/ 252.