كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام, فامتلأت التفاسير بما تناقل عنهم من روايات وتعد من الأخبار الموقوفة عليهم وقد تساهل فيها المفسرون فادخلوها كتبهم [1] .
ويجب على المفسر أن يكون حذراً ويقظاً في نقله لهذه الروايات وناقداً لها، كما يجب أن تكون موافقة للمعقول والمنقول، وأن لا يأخذ بها إذا كان في سنة ... نبينا - صلى الله عليه وسلم - ما يبتغي من بيان [2] .
ونجد أنَّ كتاب البصائر كان له حظ منها، فلم يخل من ذكر بعض القصص الإسرائيلية، ولم يتعقب صحيحها من ضعيفها إلاّ نادراً، ومع أنه كان غير مكثر منها في الأجزاء الأولى من كتابه إلاّ أنه ركز في روايتها على بصائر الأنبياء، ومن ذكروا معهم في الجزء الأخير من تفسيره، وقد بين ذلك المحقق النجار بمقالة له في بداية الجزء السادس انتقد من خلالها ما ذكر من شوائب الإسرائيليات التي تسربت إلى هذا التفسير من كتب الأقدمين [3] .
وسأعرج على بعض الأمثلة في بصائر ذوي التمييز لنتعرف عن كثب موقف الفيروزآبادي تجاه الإسرائيليات ومدى انضباطه في روايتها: فمثلاً عند ذكره لفضائل القرآن الكريم يروي كثيراً من الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما أثر عن الصحابة والتابعين، فيروي جملة كثيرة من هذه الأحاديث وقبل أن ينتهي من هذه المقدمة يذكر قوله: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} [البقرة: 121] ، قال يعملون بمحكمه
(1) ينظر: مقدمة ابن خلدون: عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي، المكتبة التجارية ـ شارع محمد علي ـ مصر، ص 439.
(2) ينظر: التفسير والمفسرون 1/ 181.
(3) ينظر: البصائر 6/ 8، بصيرة في ذكر نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، أسف الصفحة هامش بدون رقم تحت عنوان (كلمة لا بد منها) .