ومع هذا نجد أنَّ الفيروزآبادي لا يكتفي بذكر ما ورد في الأنبياء من القرآن الكريم والسنة الصحيحة وما أثر عن الصحابة والتابعين من أقوال، بل نراه يتشعب في تناوله للإسرائيليات بما يشوب في بعض الأحيان نزاهة الأنبياء وعصمتهم، وقد أشرت إلى ذلك عند كلامي عن الإسرائيليات في تفسيره.
ومن خلال الأمثلة الآنفة الذكر نلمس حقيقة مذهب الفيروزآبادي في علم الكلام في كونه من الأشاعرة الذين يذودون عن مذهب أهل السنة والجماعة، ويشعرنا بذلك في بصائره التي أطال فيها وأجاد بما مَنَّ الله عليه من علم وافر ونظر ثاقب فتح الله عليه به.
ثم عقب قائلاً:"ومن علامات المعرفة أن يبدو لك الشاهد، وتفنى الشواهد، وتنجلي العلائق، وتنقطع العوائق, وتجلس بين يدي الرب، وتقوم وتضطجع على التأهب للقائه عليه" [1] . وعلى هذا السياق يأتي على بقية المفردات والبصائر الصوفية التي تخللت كتابه.
(1) البصائر 4/ 53، بصيرة في عرف.