يمكن إرجاع أهم الأقوال في معنى هذه الأحاديث إلى قولين، هما:
القول الأول: أن المراد بالردة في هذه الأحاديث: الردة عن الإسلام، وعلى هذا يكون المراد بالمُذَادِين عن الحوض: أهل الردة الذين قاتلهم أبو بكر -رضي الله عنه-، وكذا من أظهر الإسلام في عهده -صلى الله عليه وسلم- وصحبه وهو من المنافقين، فيجوز أن يحشر هؤلاء المرتدون والمنافقون بالغرة والتحجيل، لكونهم من جملة الأمة، فيناديهم النبي -صلى الله عليه وسلم- من أجل السيما التي عليهم، أو لمعرفته إياهم بأعيانهم وإن لم يكن لهم غرة وتحجيل، فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، أي: لم يموتوا على ظاهر ما فارقتهم عليه من الإسلام.
وإلى هذا ذهب قبيصة بن عقبة (1) (2) ، وابن قتيبة (3) ، والباجي (4) (5) ،
(1) هو أبو عامر قبيصة بن عقبة بن محمد بن سفيان بن عقبة السوائي الكوفي، إمام حافظ ثقة عابد، رووا له في الكتب الستة، توفي سنة خمس عشرة ومائتين على الصحيح (215) . [انظر: تاريخ بغداد (12/ 469) ، والسير (10/ 130) ، وتذكرة الحفاظ (1/ 373) ، والتقريب (2/ 26) ] .
(2) انظر: صحيح البخاري (3/ 1272) ، والفتح (6/ 490) ، و (11/ 385، 386) .
(3) انظر: تاويل مختلف الحديث (217 - 218) .
(4) هو القاضي أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب الأندلسي الباجي المالكي، علامة فقيه متكلم، أديب شاعر، له مصنفات منها: الإيماء في الفقه، وشرح المنهاج، توفي سنة (474) . [انظر: وفيات الأعيان (2/ 340) ، والسير (18/ 544) ، وشذرات الذهب (3/ 344) ] .
(5) انظر: إكمال المعلم (2/ 51) ، والمفهم (1/ 504) ، والفتح (11/ 386) .