هذه قاعدة جليلة القدر، عظيمة النفع، عاصمة -بإذن الله- من الوقوع في الزلل والخطأ والغلط والتحريف، ولهذا فقد نص عليها السلف وعملوا بها وأكدوا على أهميتها، لا سيما في النصوص المشكلة أو المتشابهة (1) .
وسوف أتناول هذه القاعدة -أو هذا المبحث- من خلال الحديث عن عدة قضايا، وهي: معنى المحكم والمتشابه في اللغة وفي الاصطلاح، والعلاقة بين المشكل والمتشابه، وعمل السلف بهذه القاعدة، وبيان أن الوضوح والإشكال من الأمور النسبية، وهل صفات الله تعالى من المتشابه؟ وأخيرًا: أسباب استشكال النصوص أو الاشتباه فيها.
فأولًا: معنى المحكم والمتشابه في اللغة وفي الاصطلاح:
قال ابن فارس:"الحاء والكاف والميم: أصل واحد وهو المنع، وأول ذلك الحكم، وهو المنع من الظلم، وسميت حَكَمة الدابة، لأنها تمنعها، يقال: حَكَمْت الدابة وأحكمتها، ويقال: حكمت السفيه وأحكمته، إذا أخذت على يديه" (2) .
"والعرب تقول: حَكَمْتُ وأحْكَمْتُ وحَكَّمْتُ بمعنى: منعت ورددت" (3) .
(1) انظر: مجموع الفتاوى (17/ 386) ، ومنهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد (2/ 495) .
(2) معجم مقاييس اللغة (2/ 91) ، وانظر: الصحاح للجوهري (4/ 1545) ، والمفردات للراغب (248) ، والمعجم الوسيط (1/ 190) كلها مادة (حكم) .
(3) تهذيب اللغة للأزهري (4/ 69) ، وانظر: لسان العرب (12/ 141) مادة (حكم) .