قحطان، فغضب معاوية -رضي الله عنه-، فقام فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، فإنه بلغني أن رجالًا منكم يتحدثون أحاديث ليست في كتاب الله، ولا تؤثر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأولئك جُهَّالكم، فإياكم والأماني التي تضل أهلها (1) ، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن هذا الأمر في قريش، لا يعاديهم أحد إلا كبَّه الله على وجهه، ما أقاموا الدين) ، رواه البخاري (2) .
دلت الأحاديث المتقدمة، المتعلقة بقريش على وجوب تقديمهم في الإمامة العظمى، وأن القرشية شرط فيها، وهو ما أجمع عليه الصحابة والتابعون، وأطبق عليه جماهير علماء المسلمين، ولم يخالف فيه إلا بعض أهل البدع من المتكلمين وغيرهم (3) .
وقد نقل الإجماع غير واحد من أهل العلم، كابن بطال (4) ، والماوردي (5) ،
(1) قال الشنقيطي:"اعلم أن قول عبد الله بن عمرو بن العاص -الذي أنكره عليه معاوية في الحديث المذكور-: إنه سيكون ملك من قحطان، إذا كان عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- يعني به: القحطاني الذي صحت الرواية بملكه، فلا وجه لإنكاره، لثبوت أمره في الصحيح من حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه) ". [أضواء البيان (1/ 54) ، وانظر: فتح الباري (115) ، وإرشاد الساري (15/ 89) ] والحديث الذي أشار إليه متفق عليه: البخاري (3/ 1296) ح (3329) ، ومسلم (18/ 252) ح (2910) ، ولعل إنكار معاوية لعدم علمه بحديث أبي هريرة، والله أعلم.
(2) صحيح البخاري: كتاب: المناقب، باب: مناقب قريش (3/ 1289) ح (3309) ، وأخرجه أيضًا في كتاب: الأحكام، باب: الأمراء من قريش (6/ 2611) ح (6720) .
(3) انظر: مقالات الإسلاميين (2/ 151) ، والفصل (3/ 6) ، وأعلام الحديث (5/ 2335) ، وشرح صحيح البخاري لابن بطال (8/ 210) ، وإكمال المعلم (6/ 214) ، والمفهم (4/ 6) ، والفتح (13/ 118) .
(4) انظر: شرح صحيح البخاري (8/ 211) .
(5) انظر: الأحكام السلطانية (62) . والماوردي هو: العلامة أبو الحسن علي بن =