فهرس الكتاب
الصفحة 54 من 208

ولا ينافي قوله صلى الله عليه وسلم: (اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا،) رواه الإمام أحمد وغيره، فهذا شيء وما أطلقه ياسق الكفر من المساواة الكلية في الحقوق والواجبات بين المسلمين والمجرمين شيء آخر، بل حقوق المسلم غير حقوق الكافر وهذا أمر معروف وواجباته كذلك، وتفاصيل ذلك تطول ومحلها كتب الفقه لمن أرادها، ثم إن إطلاق ياسقهم القول وفتحه الباب على مصراعيه لكل الأديان إطلاق باطل، فإن غير أهل الكتاب ومن يسن فيهم المسلمون سنتهم لا وجود لهم في دار الإسلام حين يحكم الإسلام، ومن قمة العدل الذي قامت به السماوات والأرض أن يُعمل فيهم بالسيف أو يسلمون، وحتى أهل البلد الأصليين وإن كانوا من أصل العرب فإن حال المرتد منهم كحال هؤلاء، لا أن يُكرم ويقدم الواحد منهم على المسلمين وإن كان زنديقاً، أما أهل الكتاب في دار الإسلام، ما عدا جزيرة العرب لورود الأدلة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمر بإخراجهم منها - فإنهم إنما يصيرون أهل ذمة بإعطائهم الجزية، وليس ذلك فقط بل يعطونها وهم صاغرون لا متعالين أو مترفعين، {ومن يُهن الله فما له من مُكرِم} فلا يُكرم من أذل نفسه بالشرك بالله ما لم ينزل به سلطاناً، ولا يُقدّمون أو يُسوّدون ولا يظهرون شعائرهم الشركية أو صلبانهم وطقوسهم بين المسلمين، ولهم بعد ذلك إن التزموا بذلك أن لا يظلموا شيئاً بل لا مانع من بر من لم يُظهر العداوة لدين الإسلام منهم وتألف قلبه لهدايته، أما مساواتهم بالمسلمين فلا تكون أبداً حتى ينسلخوا عن شركهم ويوحدوا الله ربهم ويكونوا مسلمين، {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام