فهرس الكتاب
الصفحة 34 من 189

وقوله هنا: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) بعد قوله: (باب من الإيمان) ، يظهر من هذا أن البخاري رحمه الله فسر الحديث أن المراد بنفي الإيمان نفي تمامه ونفي الكمال، فجعل تحقق المحبة هو تحقق زيادة الإيمان؛ لأن انتفاء المحبة لا يعني من ذلك تمني زوال النعمة؛ لأن ذلك هو الحسد، فالإنسان قد لا يحب لفلان الخير، لا يحب أن فلاناً يشتري سيارة، لكن لا يحب أن سيارته تحترق، أو بستانه يهلك، بل يقول: يبقى على ما هو عليه، وإلا لا؟ فهل يكون هذا من جملة من انتفى إيمانه؟ لا، لا نقول من انتفى إيمانه، ولكن نقول: إذا تمنى أن يهلك الإنسان فهل يتحقق فيه الإيمان؟ نقول: إذا كان ذلك يتوجه إلى المؤمنين عامة فهذا لا يمكن أن يكون مؤمن أبداً، لكن شخص بعينه نقول: هذا نقص في الإيمان؛ لهذا في قول النبي عليه الصلاة والسلام (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) المراد من ذلك هي المحبة القلبية، والمراد من ذلك هو نفي كمال الإيمان لا نفي الإيمان بالكلية، وإذا توجه ذلك إلى المؤمنين عامة فصار الإنسان لا يحب لهم ما يحب لنفسه انتفى الإيمان بالكلية؛ لأنه مع التعدد لا يمكن أن يقول إني أقصد فلاناً بعينه، وإنما يقصد ما اشتركوا فيه وهو الإيمان.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام