فهرس الكتاب
الصفحة 181 من 189

وفي هذا أيضاً أنه ينبغي لمن زاره أحد أن يسأله ممن هو؟ وممن جاء؟ ومن أي بلد جاء؟ وهذا حتى يتألف الإنسان القلب، بخلاف عدم سؤاله؛ وذلك أنه ربما يتحرج الإنسان من طلب شيء ونحو ذلك، وحينما بادره بالسؤال عنه، أخرج ما لديه من سؤال أو علم، أو حاجة، وإذا وجد جفوة ممن زاره فإنه ربما يحجم عن كثير من الحق الذي أراده، وهذا إضافة إلى استحباب معرفة أحوال الناس، وقبائلهم، وأجناسهم، وبلدانهم، وأعراقهم، ونحو ذلك. وفي قوله: (مرحباً بالقوم أو بالوفد غير خزايا ولا ندامى) إشارة إلى أنه ينبغي للإنسان أن يرحب بأضيافه مرة تلو أخرى، فهذا الترحيب جاء بعد قعودهم وبعد معرفة أحوالهم، وأن يخصهم إذا عرفهم بأسرهم أو بعوائلهم بمزيد ترحيب كي يتألف قلوبهم، وأن يقربهم إليه، وهذا لقبول الحق، وهؤلاء ما جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا طلباً للحق واتباعاً له. وكذلك أيضاً قد بينوا عذرهم، أنهم لا يستطيعون أن يأتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في الشهر الحرام؛ لأنه ليس فيه قتل، ولا قطع طريق، فإن العرب كانت تعظم الأشهر الحرم، فلا يقطعون فيها السبيل، وبينوا ذلك بقولهم: (وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر) .وفي هذا أنه ينبغي للإنسان أن يهتم بنوع العلم، إذا كان لا يجد من عمره وقتاً يأخذ الأهم؛ ولهذا قالوا: (يا رسول الله أخبرنا بأمر فصل نخبر به من وراءنا) إشارة إلى أنه ينبغي للإنسان إذا كان الوقت ضيقاً، أن يأخذ الأهم في ذلك والخلاصة، وأن يبين حاله. وكذلك أيضاً إذا نزل الطالب عند العالم، أن يعرف مثلاً مدة إقامته: أسبوعاً، أو شهراً، أو سنة، أو سنتين، أو نحو ذلك، أن يخبره أن مدة إقامته كذا، فما هو الواجب علي أن آخذ من العلم في مدة الإمة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام