فهرس الكتاب
الصفحة 127 من 189

وأما فيما يتعلق بأمور الأموال فإنها تعاد، وإذا لم يستطع الإنسان إعادة المال لفقر ونحو ذلك فالحق في ذلك باقٍ، والدليل على هذا ما جاء في صحيح الإمام مسلم في قول النبي عليه الصلاة والسلام: (ما تعدون المفلس فيكم؟ قالوا: المفلس فينا من لا دينار له ولا متاع، قال: المفلس من يأتي يوم القيامة بأعمال كالجبال، ويأتي وقد ضرب هذا، ولطم هذا، وأخذ مال هذا، وسفك دم هذا) ، كل هذه فيما يتعلق بحقوق الآخرين، لا في حق الله عز وجل المحض، وهو داخل في النوع الأول، بجميع أنواعه، فمثلاً: شرب الإنسان للخمر لا علاقة للإنسان فيه، هو من الكبائر وكبيرة وأم الخبائث، والله عز وجل توعد صاحبها بنوع من أنواع العذاب، لكنه تحت مشيئة الله جل وعلا، لهذا نقول: إن ما يتعلق بتفريط الإنسان وتقصيره بالعبادات، كمن أفطر يوماً من رمضان متعمداً، أو أخر صلاة، أو شرب مسكراً، أو وقع في شيء من المحرمات في ذاته، هذه وإن كانت كبائر إلا أن مردها إلى الله إن شاء عذب العبد، وإن شاء غفر له، وأما ما يتعلق بحقوق الآدميين فإنه لابد فيها مما تقدم. وحقوق الآدميين يكون الفصل فيها بعد الخروج من النار، وهذا على التفصيل السابق، فما كان من حق أهل النار مع حق أهل الجنة في حقوق بني آدم فإن ذلك يكون قبل الفصل؛ لأن أهل الجنة سيدخلونها، ويحرم عليهم أن يدخلوا الجنة قبل أخذ حق أهل النار منهم، وأما أهل النار فيما بينهم فإنهم يتقاضون الحقوق بعد الخروج من النار، فإذا خرجوا من النار كانوا على قنطرة بين الجنة والنار، كما جاء في الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري قال عليه الصلاة والسلام: (يخرج المؤمنون من النار، فيوقفون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتصون حقوقاً كانت بينهم) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام