فهرس الكتاب
الصفحة 121 من 189

قال: (فالقاتل والمقتول في النار) ، وهذا فيه إشارة إلى مسألة تتعلق بالإيمان، وذلك أن القاتل هو أحرص من المقتول من وجهين: وذلك أنه قد جاء بسيفه؛ لهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما) ، فلما جاء بسيفه دل على أنه حريص بداهة على قتل صاحبه، وإذا لم يكن حريصاً ما جاء بالسيف، ويحتمل أنه جاء بالسيف ليدافع عن نفسه، ويدفع صولة الصائل عنه، وهذه الصولة إذا كانت من مؤمن في مسائل الفتنة وجب عليه ألا يرفع السيف، خاصة في قتال الفتنة، بخلاف صولة الفاسق فإنها تدفع، (ومن قتل دون ماله فهو شهيد) ، أما في حال الفتنة ومقاتلة طوائف المسلمين لبعضها فالأولى للمسلم في ذلك ألا يرفع السيف؛ لأنه ربما حمله شيء من نعرات الجاهلية، أو أمر من الشبهات على قتل صاحبه؛ ولهذا قال: (فالقاتل والمقتول في النار) ، وفيه مخاطبة على عمل القلب، مع أن المقتول ما قتل، وهذا فيه إشارة إلى أن ذنب القلب كذنب الجوارح، فنقص الإيمان سواء وجد الذنب في القلب أو وجد في الجوارح، ويتسبب أيضاً بكفر الإنسان إذا وقع مكفراً في القلب أو وقع في الجوارح، ومن وقع في مكفر ظاهر استوى بمن نوى ذات الفعل في قلبه ولم يستطع عليه؛ لهذا جعل النبي عليه الصلاة والسلام حكمهما واحداً، من قتل وباشر، ومن حرص على أن يقتل ولكنه لم يقتل، فهؤلاء من جهة الحكم واحد؛ ولهذا لما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، (فقيل: يا رسول الله! هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه) ، والحرص يكون بالقلب.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام