فهرس الكتاب
الصفحة 114 من 189

قول المصنف رحمه الله: (باب المعاصي من أمر الجاهلية) ، الجاهلية إنما سميت جاهلية لغلبة مخالفة أمر الله عز وجل عليها، والله سبحانه وتعالى قد ذكر من يعمل سوء بجهالة يعني: يعصي الله سبحانه وتعالى، فمن عصى الله جل وعلا بعلم أو عن غير علم فقد وقع في الجاهلية ولهذا الجاهليون أكثرهم أصحاب الجهل المنافي للعلم من غير مكابرة، وإنما وجدوا آباءهم هكذا، فسميت تلك جاهلية، فمن خالف أمر الله سبحانه وتعالى متعمداً فهو عاصي، ويأثم بفعله ذلك، وإذا لم يكن عالماً فإنه قد يأثم وقد لا يأثم، إذا لم يكن عالماً وقصر في الحصول على العلم أثم في هذا، وإذا لم يقصر في تحصيل العلم بما وقع فيه فإنه لا يأثم، وهذا ظاهر في قول النبي عليه الصلاة والسلام، كما جاء في صحيح الإمام مسلم: (والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا أدخله الله النار) ، يعني: أنه بمجرد السماع والتقصير في تتبع ذلك الحق جعل النبي عليه الصلاة والسلام ذلك موجباً لدخول النار، وفي قوله عليه رحمه الله: (باب المعاصي من أمر الجاهلية) يعني: أن فيها شعبة من شعب الجاهلية، وكما أن للإيمان شعب فكذلك للكفر شعب، وكما أنا للعلم شعب كذلك أيضا فإن للجهل والجاهلية شعب. وفي قوله هنا: (لا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك) المعاصي التي يقع فيها الإنسان تنقص من أجره شيئاً فشيئاً، وتوجد شيئاً من شعب الكفر فيه إلا أن صاحبها لا يكفر إلا بوجود الشرك فيه، والمؤمن لا يكفر إلا بشي بين، ويكفر بوجود المكفر فيه باطناً وظاهراً، باطناً: بعمل القلب، وظاهراً: بقول اللسان وعمل الجوارح، وإذا توفرت فيه شعبة واحدة من شعب الكفر الأكبر توفر فيه الكفر كله، وإذا وجدت شعبة من شعب الإيمان لا يتحقق فيه الإيمان حتى توجد فيه شعب الإيمان، وينتفي في ذلك ضدها.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام