الصفحة 106 من 108

الثاني: أن يغلب على ظن المكرَه أنه إذا امتنع أوقع به ما يهدد به.

الثالث: أن لا يظهر على المكرَه ما يدل على تماديه، بأن يعمل أويتكلم زيادة على ما يمكن أن يزول به عنه البلاء.

الرابع: أن يكون ما هدد به المكرِه مما لا طاقة للمرء به كالإيلامات الشديدة وتقطيع الأعضاء والتحريق بالنار والقتل وغير ذلك.

-ليس من الإكراه المعتبر من أكره على قتل مسلم فقتله، فلا يجوز لمن أكره على قتل مسلم أن يقتله ولو كان مكرها بالإجماع، فإن نفس القاتل ليست بأولى من نفس المقتول في البقاء، ولاستواء نفسيهما في الحرمة، فمن ادعى الإكراه في مثل ذلك لم يقبل ويؤاخذ بجريرته. وكذلك لو أكره على حرب الإسلام فلا يعد ذلك إكراها لما فيه من إزهاق الأنفس وهتك الأعراض وذهاب الديار فهذا قياس الأولى على الإجماع وكذلك لو أكره على تضليل المسلمين عن دينهم فلا يعد ذلك إكراها لأن ضرورة حفظ الدين مقدمة على حفظ الأنفس

-الإكراه متى كان مانعا كان في موضع الإكراه لا أكثر، فمن أكره على كلمة لم يكن له أن يتلفظ بكلمتين، ومن أكره على سب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم لم يعذر بأن يسب جميع الرسل، ومن أكره على السجود لصنم لم يكن له أن يطيل السجود ويرفع صوته بالدعاء والتضرع.

بل من كانت هذه حاله كان أبعد الناس عن الإكراه، ودلت حاله على محبته ذلك الكفر وإرادته له، وإذا كان معذورا بالإكراه فيما أكره عليه، فإنه كافر بارتكابه ما زاد على ما أكره عليه.

-ليس الإكراه، إكراه من يريد الحفاظ على منصبه وكرسيه، ويرى سقوطه عنها أو قتله دونها إكراها، ويخشى من العمل بدين الله والقيام بشريعته إن هو فعل أن تفوت حظوظه الدنيوية وأهوائه ورغباته.

ولا الإكراه أن يكره على عمل في يومين، فيسابق إليه في الثالث، وأن يكره على دخول مجلس فيواظب على جلساته، أو يكره على دخول معاهدة كفرية فيلتزم بنودها ويعمل بها.

وليس من الإكراه في شيء أن يخشى ضررا يأتيه لا يحقق قدومه ونزوله به، فيسارع في أعداء الله في موالاتهم وموادتهم والتقرب إليهم بما يحبون.

ولو كان هذا من الإكراه لعذر الله المنافقين الذين ذكرهم الله:"فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقُولون نخشى أن تصيبنا دائرة".

وليس من الإكراه أن يبيع المنافق الأمة والبلاد، ويغيّر الدين في الناس كلهم ثم يستديمونه ويبقون عليه، بل لو وقع الإكراه عليهم جميعا بذلك لم يكن لهم إلا فعل أصحاب الأخدود.

-ليس من موانع التكفير أن يفعل الناقض هازلا، لا جادا، فإنه يكفر ولو كان هازلا ومازحا، كما حصل من الذين استهزأوا في غزوة تبوك، فإنهم قالوا إنما كنا نخوض ونلعب، ولم ينفعهم ذلك، وليس من موانع التكفير أيضا وجود اللحية ولا قصر الثوب ولا شهادة الدكتوراة أو الاتصاف بالعلم والدعوة ونحوها، وليس من الموانع أيضا فعل الناقض خوفا لا إكراها، فإن الخوف ليس بمانع ولا رخصة في الوقوع في الكفر،

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام