والظاهر أنه وإن كان مستقراً في القدس إلاّ أنه كان يقوم برحلات ثم يعود بعد ذلك إلى مكانه، ومن هذه الرحلات توجه إلى القاهرة حيث التقى بهاء الدين بن عقيل شارح الألفية، وجمال الدين الأسنوي، وابن هاشم، وغيرهم، ولم يذكر أصحاب التراجم سنة دخوله إلى مصر تحديداً، ولكنه دخل قبل سنة (760هـ) ، وكما هو وارد في كتب التراجم أنه دخل القاهرة قبل دخوله مكة [1] ، بل أنَّ دخوله للقاهرة كان بنفس السنة التي دخل بها إلى دمشق وهي سنة (755هـ) ، إذ لا تعارض في ذلك، لما نقله السخاوي أنه قرأ البخاري على ناصر الدين الفارقي بجامع الأزهر في رمضان سنة (755هـ) [2] ، فيكون ترتيب رحلاته على ما ذكرناه.
وعند رحيله إلى مكة سمع من الضياء، وخليل المالكي، ونور الدين القسطلاني، وغيرهم، ثم جال في البلاد الشمالية والمغربية، ودخل الروم ثم توجه عائدا إلى مكة سنة (792هـ) ، إذ كان يذهب إليها مراراً، ومن هناك استدعاه ملك بغداد أحمد بن أويس، فتوجه إلى بغداد بعد الحج، وبعدها رحل إلى الهند ولقي كثيراً من الفضلاء وأخذ عنهم وأخذوا عنه [3] .
وعاد منها على طريق اليمن فدخل زبيد في رمضان سنة (796هـ) ، فالتقاه الملك إسماعيل بالقبول وبالغ في إكرامه، وصرف له أربعة آلاف درهم سوى أربعة
(1) ينظر: العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين 2/ 398، والضوء اللامع 10/ 80، وطبقات المفسرين للداودي 2/ 276، ومقدمة تحقيق البصائر 1/ 4.
(2) ينظر: الضوء اللامع: 10/ 80.
(3) ينظر: الضوء اللامع 10/ 80، وبغية الوعاة 1/ 273، ومقدمة تحقيق البصائر 1/ 6.