ومع ذلك فقد كان هناك اهتمام بالعمران، فقد أنشأ بعض السلاطين المستشفيات، وعمروا البلاد، وقاموا كذلك ببناء المدارس والمساجد، ورصدوا الأوقاف عليها من الدور والأراضي، وأغدق بعض السلاطين على الفقراء في الأعياد والمناسبات، بينما عمل البعض الآخر على تطبيق أحكام الشريعة الغراء، ونشر الفضيلة بين الرعية، فأبطلت من جراء ذلك سائر الخمارات من السواحل في مصر وبلاد الشام، وأريقت الخمور، وضرب أناس كثيرون في ذلك بالمقارع، وكان لتوجيه العلماء فضل كبير في هذه الإصلاحات الداخلية [1] .
وممن سار على هذا النهج من سلاطين اليمن السلطان الأشرف إسماعيل، حيث قام ببناء الجوامع والمدارس، ومهد الطرق، واحدث بستاناً في وادي زبيد وغرس فيه غرائب أنواع الشجر، ويعد هذا السلطان أول من زرع الأرز في وادي زبيد [2] .
ومن الأمور السلبية التي تلاحظ فيما يتصل بالحالة الاجتماعية، فداحة الضرائب، وتعدد أنواعها، وكثرة الفتن الداخلية التي تؤدي بدورها إلى زعزعة
(1) ينظر: السلوك لمعرفة دول الملوك: تقي الدين أبي العباس أحمد بن علي بن عبد القادر العبيدي المقريزي، ت 854هـ، دار الكتب العلمية - لبنان/ بيروت، الطبعة الأولى 1418هـ - 1997م، تحقيق: محمد عبد القادر عطا. ج2 / ق1/ 53 - 54، و الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة: أحمد بن حجر العسقلاني، ت 852 هـ،، دار الكتب الحديثة، مطبعة المدني، الطبعة الثانية 1385 هـ 1966م، تحقيق: محمد سيد جاد الحق 2/ 38 - 39، وبدائع الزهور في وقائع الدهور محمد بن أحمد بن إياس الحنفي، ت 930 هـ، مطابع الهيأة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة، الطبعة الثانية 1982م، تحقيق: محمد مصطفى، 1/ 485، وعصر سلاطين المماليك 2/ 263، وما بعدها.
(2) ينظر: العقود اللؤلؤية 2/ 318.