فهرس الكتاب
الصفحة 165 من 737

الوجهي [1] ، فيجتمعان في مَن صَدَّقَ بقلبه وانقاد بظاهره، وينفرد الإيمان في مَن صَدَّقَ بقلبه فقط، والإسلام في مَن انقاد بظاهره فقط، وهذا ما ذهب إليه جمهور الأشاعرة [2] . واحتجوا بآيات عديدة، أكتفي بواحدة منها، وهي قوله تعالى: ... {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات:14] ، فالآية أوضحت أَنَّ الإيمان التصديق الباطني، والإسلام الانقياد الظاهري [3] .

ويوضح أبو العباس القرطبي (ت 656 هـ) هذا المعنى بقوله:"وقد تنافس علماء الأصول في هذه الأسماء الشرعية تنافساً لا طائل تحته إذ حُقِّقَ الأمر فيه، وذلك أنهم متفقون على أنها لا يُستفاد منها. إِنَّ الشرع تصرف في حال هذه الأسماء التي في أصل وضعها فَخَصَّصَ عامّاً، كالحال بين الإسلام والإيمان، فإنهما بحكم الوضع يَعُمَّان كل انقياد وكل تصديق، لكن قصدها الشرع على تصديق مخصوص، وانقياد مخصوص" [4] .

(1) العموم والخصوص الوجهي: هو النسبة بين معنى كلي ومعنى كلي آخر من جهة انطباق كل منهما على بعض الأفراد التي ينطبق عليها الآخر. ينظر: ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة: عبد الرحمن حبنكة، دار القلم ـ دمشق، الطبعة الرابعة 1414هـ ـ 1993م، ص 49 ـ 50، وشرح جوهرة التوحيد: برهان الدين إبراهيم بن حسن اللقاني، ت 1041هـ، دار الكتب العلمية ـ بيروت، الطبعة الثالثة 1427هـ ـ 2007م، ضبطه وصححه: عبد الله الزبيلي، ص 32.

(2) ينظر: الإبانة عن أصول الديانة: علي بن إسماعيل بن بشر الأشعري أبو الحسن، ت 324هـ، دار النفائس للطباعة والنشر ـ عمان، الطبعة الأولى 1994م، تحقيق: عباس صباغ. ص 38.

(3) ينظر: التفسير الكبير 28/ 121، وتوضيح البرهان ص 4، وروح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني: أبو الفضل شهاب الدين السيد محمود الألوسي البغدادي، ت1270هـ، دار إحياء التراث العربي - بيروت، 13/ 318.

(4) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم: الشيخُ الفقيهُ الإمام، العالمُ العامل، المحدِّثُ الحافظ، بقيَّةُ السلف، أبو العبَّاس أحمَدُ بنُ الشيخِ المرحومِ الفقيهِ أبي حَفْصٍ عُمَرَ بنِ إبراهيمَ الحافظ، الأنصاريُّ القرطبيُّ، رحمه الله وغَفَر له، 1/ 141.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام