اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن طواف الدجال بالبيت إنما هو رؤيا منام، كما هو صريح الحديث، ورؤيا الأنبياء وإن كانت وحيًا إلا أن فيها ما يقبل التعبير.
ذكر هذا القول القاضي عياض بصيغة الاحتمال (1) .
القول الثاني: أن تحريم دخول مكة والمدينة عليه إنما هو في زمن فتنته وخروجه، لا في الزمن السابق لذلك.
جوَّز هذا القاضي عياض (2) ، وإليه ذهب ابن حجر وغيره (3) .
قال ابن حجر:"ويؤيده ما دار بين أبي سعيد وابن صياد، فيما أخرجه مسلم، وأن ابن صياد قال له: ألم يقل النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنه لا يدخل مكة ولا المدينة) ، وقد خرجت من المدينة أريد مكة (4) ، فتأوله من جزم بأن ابن صياد هو الدجال، على أن المنع إنما هو حيث يخرج" (5) .
القول الثالث: ترجيح الرواية التي لم يُذكر فيها طواف الدجال في البيت الحرام، وهي رواية مالك عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، وعليه فلا
(1) انظر: إكمال المعلم (1/ 522) ، وشرح النووي على مسلم (2/ 589) ، وإكمال إكمال المعلم (1/ 534) ، والفتح (13/ 98) .
(2) انظر: إكمال المعلم (1/ 523) ، وشرح النووي على مسلم (2/ 589 - 590) ، وإكمال إكمال المعلم (1/ 534) .
(3) انظر: عون الباري (4/ 154) .
(4) صحيح مسلم (18/ 263) ح (2927) .
(5) الفتح (13/ 99) ، وانظر: (6/ 488 - 489) .