للناس مع هذه الأحاديث ثلاثة مواقف:
الموقف الأول: الجمع بينها وبين الآيات التي تنص على أن دخول الجنة يكون بالأعمال، وذلك بالعمل بها جميعًا، حيث قالوا: إنه لا تنافي بينها، لأن توارد النفي -الذي في الحديث- والإثبات -الذي في الآية- ليس على محل واحد، وعلى هذا القول أهل السنة والجماعة ومن وافقهم، ولكنهم اختلفوا في كيفية الجمع على أقوال، أشهرها:
القول الأول: أن المنفي في الحديث: (لن ينجو أحد منكم بعمله) هو كون العمل عوضًا وثمنًا كافيًا للنجاة ودخول الجنة، إذ لا بد من عفو الله وفضله ورحمته، فالذي نفاه النبي -صلى الله عليه وسلم-: باء المقابلة والعوض، وكون دخول الجنة بمجرد الأعمال.
وأما المثبت في الآية: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 32] فهو: باء السببية، أي: بسسب أعمالكم، فالأعمال سبب لدخول الجنة.
وإلى هذا القول ذهب جمع من أهل العلم كالنووي (1) ، وابن تيمية (2) ، وابن القيم، وابن كثير (3) ، وابن أبي العز (4) ، والعراقي (5) ، وابن
(1) انظر: شرح النووي على مسلم (17/ 166) .
(2) انظر: الفرقان (96) ، ومجموع الفتاوى (8/ 70) .
(3) انظر: تفسير ابن كثير (2/ 345) ، و (4/ 204) .
(4) انظر: شرح العقيدة الطحاوية (642 - 643، 662 - 663) .
(5) انظر: طرح التثريب (8/ 241) . والعراقي هو: الحافظ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم المهراني المولد، العراقي الأصل =