فهرس الكتاب
الصفحة 310 من 741

وقوله عن يونس عليه الصلاة والسلام: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87] .

فقالوا: إن المعنى في هذه الآيات كلها صائر إلى التضييق، وعليه يحمل معنى هذا الحديث (1) .

قال ابن جماعة:"قوله: (لئن قدر الله علي) ليس هو من القدرة، بل هو من التقدير الذي هو التضييق، ومنه قوله تعالى: {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} أي: يضيق."

فمعناه: لئن ضيق الله عليَّ عفوه.، ومنه قوله تعالى: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} أي: نضيق، لأن النبي لا يجهل صفة من صفات الله تعالى، وهي قدرة الله تعالى عليه" (2) ."

القول الثالث: أن معنى قوله: (لئن قدر علي ربي) أي: قدَّر، من القدر الذي هو القضاء، وليس من باب القدرة في شيء.

ويكون المعنى على هذا:"لئن كان قد سبق في قدر الله وقضائه أن يعذب كل ذي جرم على جرمه ليعذبني الله على إجرامي وذنوبي عذابًا لا يعذبه أحدًا من العالمين" (3) .

وإلى هذا ذهب أبو يعلى وغيره (4) وجوَّزه ابن عبد البر (5) .

واستشهدوا بقوله تعالى في قصة يونس: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87] ، فقالوا: إن معنى الآية: فظن أن لن نقَّدر عليه من العقوبة ما قَدَرنا، فقوله في الآية: {نَقْدِرَ} راجع إلى معنى التقدير لا إلى معنى القدرة.

(1) انظر: شرح مشكل الآثار (تحفة 1/ 159) .

(2) إيضاح الدليل (200) .

(3) التمهيد (18/ 43) .

(4) انظر: مشكل الحديث لابن فورك (319 - 320) ، والأسماء والصفات للبيهقي (2/ 493) ، وكشف المشكل لابن الجوزي (3/ 157) ، وشرح النووي على مسلم (17/ 75 - 76) ، وإيضاح الدليل لابن جماعة (200) ، وطرح التثريب (2/ 267) .

(5) انظر: التمهيد (18/ 42 - 43) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام