فهرس الكتاب
الصفحة 177 من 741

وأما أهل التأويل فإنهم قالوا بهذا القول: فرارًا من التشبيه والتمثيل، حيث زعموا -كعادتهم- أن حمل اللفظ على ظاهره وحقيقته يلزم منه التشبيه (1) ، ولذلك أوجبوا صرفه عن ظاهره على حد زعمهم.

فأهل التأويل، وإن قالوا: بهذا القول، إلا أنهم لا يجعلونه هو ظاهر الحديث بل يجعلونه مجازًا فيه، فمنزعهم في هذا القول يختلف عن منزع القائلين به من أهل السنة.

قال النووي:"هذا الحديث من أحاديث الصفات، ويستحيل إرادة ظاهره" (2) .

وقال ابن حجر:"والحاصل أن الثواب راجح على العمل، بطريق الكم والكيف، ولفظ القرب والهرولة مجاز على سبيل المشاكلة، أو الاستعارة، أو إرادة لوازمها" (3) .

2 -استدل أبو يعلى -رحمه الله- بأن الحديث جاء مفسرًا في بعض ألفاظه، حيث روي بلفظ: (من جاء يمشي أقبل الله إليه بالخير يهرول) (4) ، لكن إسناده ضعيف. ولكن جاء هذا الحديث عند ابن حبان من طريق أبي هريرة -رضي الله عنه- بلفظ: (وإذا أتاني مشيًا أتيته هرولة، وإن هرول سعيت إليه، والله أوسع بالمغفرة) (5) .

(1) وقد وافقهم ابن قتيبة -رحمه الله- في كون الحديث إذا حمل على الصفة أفاد التمثيل، انظر: تأويل مختلف الحديث (209) .

(2) شرح صحيح مسلم (17/ 6) ، وانظر: (17/ 15) .

(3) فتح الباري (13/ 514) ، وانظر: (13/ 513) .

(4) رواه أبو يعلى في إبطال التأويلات (2/ 443) ، وانظر: (1/ 231) (2/ 290) ، وسنده ضعيف، لأن فيه إسحاق بن إبراهيم الحنيني -أبو يعقوب المدني- قال عنه النسائي في الضعفاء والمتروكون (54) :"ليس بثقة"، وقال البخاري: فيه نظر، وقال ابن عدي: ضعيف، ومع ضعفه يكتب حديثه. [انظر: تهذيب التهذيب (1/ 201) ] ، وقال ابن حجر في التقريب: (1/ 79) :"ضعيف".

(5) صحيح ابن حبان (2/ 100) ح (376) ، وحكم عليه المحقق -شعيب الأرناؤوط- بالصحة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام