[24] ومما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما رواه الإمام أحمد وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص وفيه أن كفار قريش كانوا يقولون عن النبي صلى الله عليه وسلم: (سَفَّهَ أَحْلامَنَا وَشَتَمَ آبَاءَنَا وَعَابَ دِينَنَا وَفَرَّقَ جَمَاعَتَنَا وَسَبَّ آلِهَتَنَا) وقد قال تعالى مخبراً عنهم: {وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَانِ هُمْ كَافِرُونَ} [الأنبياء: 36] . يعنون كما قال المفسرون: أهذا الذي يعيب آلهتكم ويسفه أحلامكم، وأسوته صلى الله عليه وسلم وقدوته في ذلك هو الحنيف خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، فقد أُمر نبينا وأمرنا معه بإتباع ملة إبراهيم واتخاذه عليه السلام أسوة في الدعوة والتوحيد، قال تعالى مخبراً عن قومه: {قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنْ الظَّالِمِينَ قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: 59 - 60] ، يذكرهم: أي يعيبهم ويسفههم، وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} [الزخرف: 26 - 27] ، وهكذا ينبغي أن يكون دعاة الحق في كل زمان يسفهون الطواغيت على اختلاف أنواعها، ويبينون للناس زيفها وبطلانها وفسادها ويدعونهم للبراءة منها والكفر بها، وهي دعوة الأنبياء، وَأَنْعِمْ بأتباعهم.