فهرس الكتاب
الصفحة 43 من 189

وفي قوله عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده) هذا لا يخرج نفس الإنسان، ولكن لما ذكر الوالد والولد دل اجتماع هذه الأشياء التي يفديها الإنسان بنفسه وماله على أن نفسه كذلك من باب أولى، لهذا ربما يزهد الإنسان بفرد من أفراد أهله ولكنه لا يزهد بمجموعهم، فلما ذكر المجموعة دل على دخول النفس من باب أولى كما أفاده حديث عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى. ونفي الإيمان هنا هل هو نفي صحة أو نفي كمال؟ بالنسبة لهذا النفي هو نفي صحة، فإذا قال الإنسان: أنا أحب أبي وأمي أكثر من رسول الله صلى الله عليه وسلم يلزم من ذلك تقديم طاعة الوالدين على طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقدم معنا الإشارة فيما يتعلق بمحبة الإنسان، وأن معنى قوله: (يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ، أنها المحبة القلبية، وليس التساوي بأمر الظاهر، بل هو في العمل الباطن، والدليل على هذا ما جاء في الصحيح من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ قالوا: يا رسول الله! ما منا إلا وماله أحب إليه من مال وارثه) ، وهذا دليل على الإقرار، فلما كانت الأمور حسية كان ثمة افتراق، ولكن في الأمور القلبية يجب أن يكون ثمة تساوي، فأحب لك أن تكتسب مثلما أكتسب، ولكن مقاسمة المال على السوية هذا أمر زائد عن ذلك؛ لهذا الإنسان ماله أحب إليه من مال وارثه، فإذا كان هذا في مال وارثه فإنه في غير مال وارثه من الأجانب عنه من باب أولى، وهذه هي المحبة القاصرة وهي محبة الآخرين. وقوله: (لأخيه) يدخل في ذلك أهل الإيمان، ويخرج من ذلك غيرهم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام