التصديق والعلم، ولا بد من الإسلام والإيمان جميعا، الإسلام الأعمال الظاهرة، والإيمان الأعمال الباطنة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: /الإسلام علانية، والإيمان في القلب /، فإن ذكرا جميعا صار لكل واحد معنى خاص به، وإذا ذكر واحد منهما دخل فيه الآخر، إذا ذكر الإيمان وحده دخل فيه الإسلام، وإذا ذكر الإسلام وحده دخل فيه الإيمان؛ لأنه لا يصح إسلام بدون إيمان، ولا يصح إيمان بدون إسلام، لا بد من الاثنين، فهما متلازمان، ولهذا يقولون: إن الإسلام والإيمان من الأسماء التي إذا اجتمعت افترقت، وإذا انفردت اجتمعت، أي: يدخل بعضها في بعض لأنهما متلازمان، لا ينفك أحدهما عن الآخر.
فسأله عن الأعمال الظاهرة والأعمال الباطنة، وبين له صلى الله عليه وسلم أركان كل من الإسلام والإيمان.
/ قال: أخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال: فأخبرني عن الساعة، قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل /. [52] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[52] قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله، سبق أن المحسن هو من يعبد الله على المشاهدة واليقين كأنه يرى الله، أو يعبده على المراقبة، وهو يعلم أن الله يراه فيحسن العمل؛ لأن الله مطلع عليه، فالمحسن يعبد الله إما على المشاهدة في القلب، وهذا أكمل، وإما على المراقبة، وأن يعلم أن الله يراه في أي مكان، أو في أي عمل يعمله، هذا هو الإحسان.
قال: صدقت، فأخبرني عن الساعة، أي: عن قيام الساعة متى؟ ولما كان هذا السؤال لا يعلم أحد الجواب عنه إلا الله سبحانه وتعالى؛ لأن قيام الساعة لا يعلم تحديده إلا الله عز وجل.
نحن نعلم أنها ستقوم الساعة لا نشك في هذا، من شك في هذا فهو كافر، نعلم أنها ستقوم الساعة ولا بد، ولكن الوقت الذي تقوم فيه الساعة الله عز وجل لم يخبرنا عنه، ولم يبينه لنا، واستأثر بعلمه، قال تعالى: / إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ / [لقمان: 34] ، وقال تعالى: / يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ / [الأعراف: 187] ، هو الذي يعلمها سبحانه، وقال تعالى: / وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ / [الأنعام: 59] ، ومنها وقت قيام الساعة.
/ قال صلى الله عليه وسلم لجبريل: ما المسئول عنها بأعلم من السائل /، أي: أنا وأنت سواء لا نعلم متى تقوم الساعة، الله جل وعلا لم يطلع على هذا لا الملائكة، ولا الرسل، ولا أحدا، بل استأثر بعلمها سبحانه وتعالى.
/ قال: فأخبرني عن أماراتها، قال: أن تلد الأمة ربتها /. [53]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[53] قال: أخبرني عن أماراتها: الأمارات جمع أمارة، وهي العلامة، أما الإمارة بالكسر فهي الولاية.
أخبرني عن أماراتها، أي: العلامات التي تدل على قرب قيامها، نعم الساعة لها أمارات، وقد بينها الله سبحانه وتعالى، منها أمارات صغيرة، ومنها علامات كبيرة، ومنها متوسطة، ومنها علامات مقاربة للساعة تكون عند قيام الساعة، تكون قريبا من قيامها، أما العلامات الأخرى فإنها متقدمة، العلماء يقولون: علامات الساعة على ثلاثة أنواع: هي علامات صغيرة ومتقدمة، وعلامات متوسطة، وعلامات كبيرة.
العلامات الصغيرة والعلامات المتوسطة كلها حصلت أو حصل معظمها، أما العلامات الكبار ظهور الدجال، ونزول عيسى عليه السلام، وخروج الدابة، وخروج يأجوج ومأجوج، فهذه تكون عند قيام الساعة وتتتابع.