فهرس الكتاب
الصفحة 10 من 122

الرابعة: الصبر على الأذى فيه [10]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[10] قوله: الصبر على الأذى فيه: معلوم أن من دعا الناس وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر فإنه سيتعرض للأذى من الأشرار؛ لأن كثيرا من الناس لا يريدون الخير بل يريدون الشهوات والمحرمات والأهواء الباطلة، فإذا جاء من يدعوهم إلى الله ويردهم عن شهواتهم فلا بد أن يكون منهم رد فعل بالقول أو بالفعل فالواجب على من يدعو إلى الله ويريد وجه الله أن يصبر على الأذى وأن يستمر في الدعوة إلى الله، وقدوته في ذلك الرسل - عليهم الصلاة والسلام - وخيرتهم وخاتمهم محمد - صلى الله عليه وسلم -.

ماذا لقي من الناس؟ وكم لقي من الأذى بالقول والفعل؟ قالوا: ساحر وكذاب، وقالوا: مجنون، وقالوا فيه من الأقوال التي ذكرها الله - عز وجل - في القرآن، وتناولوه بالأذى، قذفوه بالحجارة حتى أدموا عقبه - صلى الله عليه وسلم - لما دعاهم إلى الله - عز وجل -، وألقوا سلا جزور على ظهره وهو ساجد عند الكعبة، وتوعدوه بالقتل وهددوه، وفي غزوة أحد جرى عليه وعلى أصحابه ما جرى، عليه الصلاة والسلام، كسروا رباعيته وشجوه في رأسه - صلى الله عليه وسلم - وقع في حفرة، وهو نبي الله، كل هذا أذى في الدعوة إلى الله - عز وجل - لكنه صبر وتحمل وهو أفضل الخلق - عليه الصلاة والسلام -، فلا بد للذي يقوم بهذه الدعوة أن يتعرض للأذى على حسب إيمانه ودعوته؛ ولكن عليه أن يصبر، ما دام أنه على حق فإنه يصبر ويتحمل فهو في سبيل الله وما يناله من الأذى فهو في كفة حسناته أجر من الله - سبحانه وتعالى -.

والدليل قوله تعالى:/ وَالْعَصْرِ /إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ /إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ / [سورة العصر] [11]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[11] هذه المسائل الأربع يجب أن تتعلمها بالتفصيل، هل من دليل على ما قاله الشيخ؟ إن هذه المسائل الأربع يجب علينا تعلمها، وهو وعدنا أنه لا يقول شيئا إلا بدليل، فأين الدليل؟ قال: الدليل على ذلك قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم/ وَالْعَصْرِ /إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ /إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ /إلا الذين آمنوا: هذه هي المسألة الأولى: العلم، لأن الإيمان لا يكون إلا بعلم وهو معرفة الله - عز وجل -، ومعرفة نبيه، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة.

المسألة الثانية: وعملوا الصالحات، هذا العمل بالعلم.

المسألة الثالثة: وتواصوا بالحق، فهذه الدعوة إلى العلم والعمل.

المسألة الرابعة: وتواصوا بالصبر على الأذى في سبيل الدعوة إلى العلم والعمل.

فقوله سبحانه: (والعصر) .

الواو: واو القسم، والعصر اسم مقسم به مجرور وعلامة جره الكسرة والمراد به الوقت والزمان.

أقسم الله - تعالى - بالزمان والوقت وهو مخلوق، والله - جل وعلا - يقسم بما شاء من الخلق، والمخلوق لا يقسم إلا بالله، والله لا يقسم إلا بشيء له أهمية، وفيه آية من آياته - سبحانه وتعالى - فهذا الزمان فيه عبرة وله أهمية، ولذلك أقسم الله بالعصر، وبالليل إذا يغشى، وأقسم بالضحى.

أما المخلوق فإنه لا يقسم إلا بالله، ولا يجوز لنا أن نحلف بغير الله، قال - صلى الله عليه وسلم: /من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك / [1] ، وقال: /من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت / [2] .

(1) أخرجه أبو داوود (3251) ، والترمذي (1535) من حديث ابن عمر رضي الله عنه.

(2) أخرجه البخاري (6108) ، ومسلم (1646) (3) من حديث ابن عمر رضي الله عنه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام