وأعظم ما أمر الله به التوحيد، وهو إفراد الله بالعبادة [17]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[17] قوله - رحمه الله: أعظم ما أمر الله به التوحيد: هذا مهم جدا، إن التوحيد أعظم ما أمر الله به، كل الأوامر التي أمر الله بها كلها بعد التوحيد.
ما الدليل على أن أعظم ما أمر الله به التوحيد قوله تعالى: / وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا / إلى آخر الآية [النساء: 36] .
هذه الآية فيها عشرة حقوق؛ ولهذا تسمى آية الحقوق العشرة، أول هذه الحقوق حق الله سبحانه: / وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا /هذا هو الحق الثاني، / وَذِي الْقُرْبَى /هذا هو الحق الثالث، وذوو القربى هم الذين تجمعك بهم قرابة نسبية من جهة الأب أو الأم، كالآباء والأجداد، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات، والإخوة والأخوات، وأولاد الإخوه والأخوات، وأولاد الأعمام والعمات، هؤلاء هم ذوو القربى، لهم حق القرابة.
(/ وَالْيَتَامَى /) الأيتام من المسلمين، وهم كل من مات أبوه وهو صغير ولم يبلغ وصار بحاجة إلى من يسد مسد أبيه في رعاية هذا الطفل تربية وإنفاقا والقيام بمصالحه، ورفع ما يضره؛ لأنه ليس له أب يحميه وينفق عليه ويدافع عنه، فهو بحاجة إلى من يساعده، لأنه فقد أباه وعائله، وله حق في الإسلام.
المهم أن الله بدأها بحقه سبحانه وتعالى قوله: / وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا /لم يقتصر على قوله: / وَاعْبُدُوا اللَّهَ /لأن العبادة لا تصح مع الشرك ولا تنفع، ولا تسمى عبادة إلا إذا كانت خالصة لله - عز وجل -، إن كان معها شرك فإنها لا تكون عبادة مهما أتعب الإنسان نفسه فيها، قرن الأمر بالعبادة بالنهي عن الشرك، إذ لا تصح العبادة مع وجود الشرك أبدا.
هذا دليل على قول الشيخ: أعظم ما أمر الله به التوحيد، حيث إن الله بدأ به في آيات كثيرة منها هذه الآية، ومنها قوله تعالى: / وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ / [الإسراء: 23] فبدأ سبحانه وتعالى بالتوحيد، وهذا يدل على أنه أعظم ما أمر الله به.
/ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ / [الأنعام: 151] .
هذا دليل على ما يأتي أن أعظم ما نهى الله عنه الشرك، إذا كان أعظم ما أمر الله به التوحيد فإنه يجب أن يبدأ الإنسان بتعلم العقيدة قبل كل شيء، العقيدة هي الأساس، فيجب أن يبدأ بها بالتعلم والتعليم، وأن يداوم على تدريسها وبيانها للناس؛ لأنها هي أعظم ما أمر الله به، فليس من المناسب أن تجعلها آخر الأشياء، أو لا يؤبه بها، لأن الآن هناك دعاة يزهدون في تعليم التوحيد والعقيدة، فهناك أناس ابتلوا بهذا، ولأن الإخلال بها إخلال بالدين كله فيجب العناية بها.
وما هو التوحيد؟ هل هو أن تقر بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت؟ لا؛ التوحيد هو إفراد الله بالعبادة، لأن الله قال: / وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ / [الذاريات: 56] وقال أهل التفسير: يعبدون أي يوحدون، ففسروا التوحيد بالعبادة.
إذًا فالتوحيد هو إفراد الله بالعبادة وليس، هو الإقرار بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر، لأن هذا موجود في الفطر، موجود في عقول العقلاء، لا يوجد عاقل في الدنيا يعتقد أن أحدا خلق السماوات والأرض غير الله سبحانه وتعالى، لا يوجد أحد في العالم كله وما فيه من الكفار والملاحدة يعتقد أن أحدا خلق بشرا / وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ / [الزخرف: 87] . لا يوجد عاقل في العالم يعتقد أن بشرا يخلق بشرا إنسانا يمشي على الأرض ويتكلم ويأكل ويشرب، هل يوجد عاقل يعتقد هذا؟ / أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ /أَمْ