فهرس الكتاب
الصفحة 47 من 122

ومنه الدعاء، والخوف، والرجاء والتوكل، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والإنابة، والاستعانة، والاستعاذة، والذبح، والنذر، وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها - كلها لله تعالى [12]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[12] قوله: ومنه الدعاء: أي ومن أنواع العبادة الدعاء، بدأ به لأنه أعظم أنواع العبادة.

والدعاء على قسمين:

دعاء عبادة، ودعاء مسألة:

دعاء العبادة: هو الثناء على الله سبحانه وتعالى كما في أول الفاتحة: / الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ /الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ / مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ /سورة الفاتحة الآية 5 إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ /هذا كله دعاء عبادة، / اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ /إلى آخر السورة هذا دعاء مسألة.

ودعاء المسألة: هو طلب شيء من الله - عز وجل - كطلب الهداية، وطلب الرزق، وطلب العلم من الله، وطلب التوفيق.

والدليل قوله تعالى: / وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا / [الجن: 18] [13]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[13] المساجد: تطلق ويراد بها أماكن السجود والبقاع التي يصلى فيها، وهي أحب البقاع إلى الله - عز وجل - قد جاء الترغيب في بنائها وإعدادها، قال - صلى الله عليه وسلم: /من بنى مسجدا لله كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتا في الجنة / [1] .

يقول الله: / إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ / [التوبة: 18] والمراد بالعمارة، العمارة الحسية والمعنوية، عمارتها بالطين وما تحتاج إليه حتى تأوي المصلين وتظلهم من الحر وتكنهم من البرد، وعمارتها بالعبادة بالصلاة وتلاوة القرآن وذكر الله - عز وجل -.

وتطلق المساجد ويراد بها أعضاء السجود السبعة: وهي الجبهة والأنف واليدان والركبتان ورءوس القدمين، لأنها تسجد لله، والآية تشتمل المعنيين: / وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ /أي البقاع التي يصلى فيها، وأعضاء السجود لله - عز وجل -.

/ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا /لا تجعلوا هذه المساجد وهذه البقاع محلًّا للشرك ودعوة غير الله، بل يجب أن تطهر المساجد من الشرك، فلا يكون فيها قبور، ولا يكون فيها دعاء لغير الله، ولا يكون فيها بدع ومحدثات وحلقات صوفية مبتدعة.

يجب أن تطهر المساجد عن البدع والشرك والمعاصي لأنها لله عز وجل، فلا يكون فيها إلا ما يرضي الله عز وجل، فلا تدعوا مع الله أحدًا في هذه المساجد، أو تستخدموا أعضاءكم بالسجود لغير الله عز وجل؛ لأن هذا شرك أكبر كالذي يسجد للصنم أو للقبر أو يسجد للوثن فهذا يسجد لغير الله عز وجل.

الشاهد في قوله: / فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا /أمر بإخلاص الدعاء له وحده.

وقوله: /أَحَدًا /: يعم كل مدعو من دون الله سواء كان ملكًا أو نبيًّا أو وليًّا أو شجرًا أو حجرًا، يعم كل من دُعِيَ من دون الله عز وجل فإنه يكون شركًا أكبر.

(1) أخرجه أحمد 4/ 54 (2157) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وأخرجه ابن ماجه (738) ، وابن خزيمة (1292) من حديث جابِر بن عبد الله رضي الله عنه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام