فهرس الكتاب
الصفحة 109 من 122

وبعد البعث محاسبون ومجزون بأعمالهم، والدليل قوله تعالى: / وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى / [سورة النجم: 31] . [72]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[72] من أعمال يوم القيامة، الحساب والميزان، الحساب بمعنى مناقشة أهل المعاصي.

فالمسلمون على أقسام يوم القيامة:

القسم الأول منهم: من لا يحاسب ويدخل الجنة بلا حساب ولا عذاب كما في حديث السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب [1] .

القسم الثاني من الناس: من يحاسب حسابًا يسيرًا وهو العرض فقط، لا يحاسب حساب مناقشة وإنما يحاسب حساب عرض فقط، وهذا أيضا من السعداء، قال تعالى: / فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ / فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا / وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا / [الانشقاق: 7 - 9] .

القسم الثالث: من يحاسب حساب مناقشة وهذا تحت الخطر لقوله صلى الله عليه وسلم: / من نوقش الحساب عذب / [2] .

أما الكفار فقد اختلف العلماء فيهم هل يحاسبون أو لا يحاسبون، فمن العلماء من يقول: إن الكفار لا يحاسبون لأنهم ليس لهم حسنات وإنما يذهب بهم إلى النار لأنهم ليس لهم حسنات، ومن العلماء من يقول: إنهم يحاسبون حساب تقرير، أي بأعمالهم وكفرهم وإلحادهم، ثم يذهب بهم إلى النار.

والميزان: معناه الآلة التي توزن بها أعمال العباد توضع الحسنات في كفة والسيئات في كفة، قال تعالى: / فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ / وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ / [المؤمنون 102 - 103] فإذا ثقلت السيئات خسر الإنسان وإذا ثقلت الحسنات ربح الإنسان.

هذا الميزان ميزان الأعمال، كذلك من أوتي كتابه بيمينه فحسابه يسير، ومن أوتي كتابه بشماله فحسابه عسير، وسيرى الأهوال والأخطار جسيمة، ومن خطر إلى خطر في مواقف القيامة والحساب والحشر، هذه أمور هائلة لو فكرنا فيها.

ومن كذب بالبعث كفر، والدليل قوله تعالى: / زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ / [التغابن: 7] . [73]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[73] قوله: من كذب بالبعث كفر: لأنه جحد ركنًا من أركان الإيمان، ولأنه مكذب لله ولرسله ولكتبه؛ لأن الله جل وعلا أخبر عن البعث، والرسل أخبرت عن البعث، والكتب أخبرت عن البعث، فمن أنكره فهو كافر والدليل قوله تعالى:/ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا /الزعم هو الكذب، / أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا /فدلت الآية على أن إنكار البعث كفر، يقولون ليس بعد الموت بعث، المشركون وعبدة الأصنام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يجادلون بالبعث: / أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً / قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ / [النازعات: 11 - 12] وقالوا: / مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ / [يس: 78] . ومن مجادلتهم: / أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ /

(1) أخرجه البخاري (5705) ومسلم (218) مِن حديث عمران بن حصين رضي الله عنه.

(2) أخرجه البخاري (103) ومسلم (2876) مِن حديث عائشة رضي الله عنها.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام