والدليل قوله تعالى: / إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ / [النحل: 128] ، وقوله تعالى: / وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ / الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ /وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ / إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ / [الشعراء: 217 - 220] ، وقوله تعالى: / وَمَا تَكُونُ فِي شَانٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ / [يونس: 61] . [47]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[47] هذا دليل المرتبة الأولى من الإحسان: سورة النحل الآية 128/ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ /، دلت الآية أن الله مع المحسنين وهم الذين عبدوا الله كأنهم يرونه، فإن الله معهم معية خاصة، معية النصرة والتأييد والتوفيق.
وقوله تعالى: / وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ /الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ /وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ /هذا دليل المرتبة الثانية، هذا دليل قوله:"فإنه يراك".
وتوكل: أي: فوض أمورك.
على العزيز الرحيم: وهو الله سبحانه وتعالى.
حين تقوم: تقوم للعبادة والصلاة.
وتقبلك في الساجدين: يراك وأنت راكع، وأنت ساجد، يراك في جميع أحوال العبادة قائما وراكعا وساجدا، فهو يراك سبحانه وتعالى.
إنه هو السميع العليم: السميع لأقوالك، العليم بأقوالك سبحانه وتعالى، وقوله تعالى:/ وَمَا تَكُونُ فِي شَانٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ /هذا دليل المرتبة الثانية، / وَمَا تَكُونُ فِي شَانٍ /هذا خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، في أي شأن من أمورك، من أمور العبادة أو من غيرها، جميع أفعالك وتحركاتك ما تكون في شأن من الشئون.
/ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ / أي: من الله لأن القرآن من عند الله عز وجل، أو الضمير راجع إلى الشأن، أي: ومن الشأن الذي تكون فيه تلاوة القرآن.
/ وَلَا تَعْمَلُونَ /هذا لجميع الأمة، للرسول صلى الله عليه وسلم وغيره.
/ مِنْ عَمَلٍ /أي: عمل من الأعمال خير أو شر.
/ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا /نراكم ونبصركم ونشاهدكم، هذا دليل لقوله صلى الله عليه وسلم:"فإنه يراك".
/ إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ /تباشرونه وتعملونه، فهذا يعطي دليلا على المرتبة الثانية من مراتب الإحسان، وأنه جل وعلا شهيد على كل عامل بعمله، يراه سبحانه وتعالى ويعلمه ويبصره، ولا يغيب عنه: / إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ / [آل عمران: 5] .
وأما الإحسان بين العبد والخلق فمعناه: بذل المعروف لهم، وكف الأذى عنهم، بأن تطعم الجائع، وتكسو العاري، وتعين بجاهك المحتاج، وتشفع لمن احتاج الشفاعة، تبذل المعروف، جميع وجوه المعروف، تكرم الضيف، تكرم الجار، لا يصدر منك إلا خير لجارك، وتكف أذاك عنه أيضا فلا يصدر منك أذى له ولا لغيره، من الناس من لا يصدر منه إلا أذى، ومن الناس من يصدر منه أذى وخير، ومن الناس من لا يصدر منه إلا خير، فهذا في أعلى الطبقات.