فهرس الكتاب
الصفحة 57 من 122

ودليل الاستعاذة قوله تعالى: / قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ / [الفلق: 1] . [22]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[22] الاستعاذة: طلب الالتجاء إلى من يمنعك من محذور تخافه من أجل أن يدفع عنك هذا الشيء، هذه هي الاستعاذة.

والاستعاذة نوع من أنواع العبادة، لا يجوز أن تستعيذ بغير الله عز وجل، فمن استعاذ بقبر أو بوثن أو بأي شيء غير الله عز وجل فإنه يكون مشركًا الشرك الأكبر، وقال تعالى: / وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا / [الجن: 6] .

كان العرب في جاهليتهم إذا نزلوا في مكان من الأرض يقول أحدهم: أعوذ بسيد هذا الوادي، أي: كبير الجن، يستعيذ به من شر سفهاء قومه.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم مبطلًا لذلك ومبينًا لما يشرع بدله: / من نزل منزلًا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك / [1] .

هذا هو البديل الصحيح، الاستعاذة بكلمات الله التامات بدلًا من الاستعاذة بالجن.

قال تعالى: / قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ /.

الفلق: هو الصبح، ورب الفلق: هو الله سبحانه وتعالى كما قال تعالى: / فَالِقُ الْإِصْبَاحِ / [الأنعام: 96] أي: مظهر نور الصبح في ظلام الليل. من الذي يقدر على هذا إلا الله سبحانه وتعالى.

/ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ /أي: رب الصبح إذا أصبح، المالك المتصرف فيه القادر عليه.

/ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ /: هذا يشمل شر جميع المخلوقات، يستعيذ بالله من شر جميع المخلوقات.

هذا يكفيك عن كل استعاذة أو تعوذ مما يفعله الناس / وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ /.

الغاسق: هو ظلام الليل؛ لأن ظلام الليل تخرج فيه الوحوش والسباع، فأنت تقع في خطر، تستعيذ بالله من شر هذا الظلام وما تحته من هذه المؤذيات.

/ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ /وهي السواحر تستعيذ بالله من السحر وأهله؛ لأن السحر شر عظيم.

/ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ /.

الحاسد: هو الذي يتمنى زوال النعمة عن الغير، إذا رأى على أحد نعمة فإنه يغتاظ ويتمنى زوال هذه النعمة حسدًا وبغيًا - والعياذ بالله -، وهو من أعظم الخصال المذمومة؛ لأن فيه اعتراضًا على الله، وفيه إساءة إلى الخلق.

ويدخل فيه العائن، الذي يصيب بنظرته؛ لأن الإصابة بالعين نوع من الحسد، فأنت تستعيذ بالله من هذه الشرور، فدل على أن الاستعاذة عبادة لا يجوز أن تصرف لغير الله، فلا تستعيذ بالمخلوق ومن استعاذ بمخلوق فقد أشرك بالله عز وجل، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لعبد اللهبن عباس الله عنهما: / وإذا استعنت فاستعن بالله / [2] .

وقوله تعالى: / قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ / [الناس: 1] [23] .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه مسلم (2708) مِن حديث خولة بنت حكيم السلمية رضي الله عنها.

(2) سبَق تخريجه ص 52.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام