فهرس الكتاب
الصفحة 22 من 122

الثالثة: أن من أطاع الرسول، ووحد الله، لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب [10]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[10] لا يجوز لمن فعل ذلك موالاة من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب.

هذه مسألة الولاء والبراء وهي تابعة للتوحيد، من حقوق التوحيد الولاء لأولياء الله والبراء من أعداء الله، والموالاة والولاء بمعنى واحد، والولاء يراد به المحبة بالقلب، ويراد به المناصرة والمعاونة، ويراد به الإرث والعقل في الديات.

فالمسلم يوالي أولياء الله بمعنى أنه يحصر محبته على أولياء الله ويناصرهم، فالمسلم يكون مع المسلمين بعضهم من بعض، كما قال تعالى: / وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ / [الأنفال: 75] . فالتعاقل في ديات الخطأ يكون بين المسلمين، وهو ما يسمى بالتكافل، كل هذا يدخل في الولاء، فلا يكون بين مسلم وكافر، والمحبة والنصرة والميراث والعقل وولاية النكاح وولاية القضاء إلى غير ذلك، فلا يكون بين مسلم وكافر؛ وإنما يكون هذا بين المسلمين لقوله تعالى: / وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا / [النساء: 141] . هكذا يجب أن يتميز المؤمنون عن الكفار، فلا يجوز لمن وحد الله وأطاع الرسول - صلى الله عليه وسلم - موالاة من حاد الله.

والمحادة معناها: أن يكون الإنسان في جانب، والله ورسوله والمؤمنون في جانب، ويكون المحاد في جانب الكفار هذه هي المحادة.

قوله: ولو كان أقرب قريب: أي نسبًا، فإذا كان قريبك محادا لله ورسوله فيجب عليك محادته ومقاطعته، ومن كان وليا لله ورسوله وجب عليك أن تحبه وتواليه، ولو كان بعيدًا من النسب عنك، لو كان أعجميا أو أسود أو أبيض أو أحمر يجب عليك أن تواليه وأن تحبه سواء كان من بلدك أو من أقصى الشرق أو من أقصى الغرب، قال تعالى: / وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ / [التوبة: 71] ، أي: بينهم المحبة والتناصر والتعاون، وبينهم الألفة هذا بين المؤمنين.

والدليل قوله تعالى: / لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ / [المجادلة: 22] . [11]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[11] قوله تعالى: (لا تجد) : هذا خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، أي: لا يقع هذا ولا يكون موجودًا أبدًا أن يكون مؤمن بالله ورسوله يحب الكفار، فإن أحبهم؛ فإنه ليس بمؤمن، ولو كان يدعي ذلك.

قال ابن القيم - رحمه الله - في الكافية الشافية:

أتحب أعداء الحبيب وتدعي ... حبا له ما ذاك بإمكان

وكذا تعادي جاهدًا أحبابه ... أين المحبة يا أخا الشيطان

فهذا لا يمكن أبدًا أن يحب الكفار، يقول: أنا أحب الله ورسوله لقوله تعالى: / يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ / [الممتحنة: 1] إلى قوله تعالى: / قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام