ودليل الإنابة قوله تعالى: / وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ / [الزمر: 54] [20] .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[20] الإنابة: الرجوع وهي بمعنى التوبة، والتوبة والإنابة بمعنى واحد. ولكن بعض العلماء يقول: الإنابة أخص من التوبة أي: آكد لأنها توبة مع إقبال إلى الله عز وجل، أي: توبة خاصة، والإنسان قد يتوب ويترك الذنب ولا يعود إليه، ويندم عليه، ولكن قد يكون في الإقبال على الله إقبال ضعيف، أما الإنابة فهي إقبال على الله عز وجل، ولهذا قال: / وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ /أي: ارجعوا له، وأقبلوا عليه سبحانه وتعالى: /مِنْ قَبْلِ أَنْ يَاتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ /إذا جاء العذاب المهلك الماحق فإنها لا تقبل توبة من تاب عند ذلك: سورة يونس الآية 98/ إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ / [يونس: 98] هذا مستثنى وإلا فإنه إذا نزل العذاب المهلك فإنها لا تقبل التوبة، ولهذا قال: / مِنْ قَبْلِ أَنْ يَاتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ /.
فالتوبة والإنابة لها أجل ولهما حد، فهي لا تقبل توبة من غَرْغَرَ أو من حضره الموت، ولا تقبل توبة من نزل به العذاب الماحق المهلك، ولا تقبل التوبة إذا خرجت الشمس من مغربها قبل قيام الساعة، لا تقبل التوبة حينئذ، فالله يحث العبد على التوبة والإنابة قبل انتهاء أجله: / مِنْ قَبْلِ أَنْ يَاتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ /.
الشاهد قوله: / وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ /دل على أن الإنابة نوع من أنواع العبادة؛ لأنه قال: / إِلَى رَبِّكُمْ /فهذا يدل على أنها نوع من أنواع العبادة.