قال: أخبرني عن أماراتها: ولما كانت أماراتها معلومة أجابه الرسول صلى الله عليه وسلم قال:"/ أن تلد الأمة ربتها /"هذا من علامات الساعة، الأمة هي المملوكة، وربتها سيدتها.
/ وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان /. [54]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[54] قال الشراح: معناه والله أعلم أنه في آخر الزمان يكثر التسري، يعني يكثر وطء الإماء - أي: المملوكات - فيلدن بنات، تكون بنتها حرة، وتكون سيدة لأمها ومالكة لها، وقيل: معناه أنه يكثر العقوق، فتكون البنت كأنها سيدة لأمها.
وأن ترى الحفاة: هذه علامة ثانية.
الحفاة: الذين ليس لهم نعال من الفقر والفاقة.
العراة: الذين ليس لهم لباس.
العالة: الفقراء.
رعاء الشاء: جمع راعٍ، الذين يرعون الأغنام، هؤلاء كانوا في الأصل في البراري في بيوت ينتقلون من محل إلى آخر، وفي آخر الزمان يستوطنون في المدن، ويبنون القصور والعمارات الشاهقة، هذا من علامات الساعة، إذا تحولت البادية إلى حاضرة، وصاروا يتطاولون في المباني، ويتباهون بها وينمقونها، وهم ليس من عادتهم، يتحولون إلى أغنياء، إلى أصحاب ثروة وأصحاب مظاهر، هذه من علامات الساعة.
وكما تعلمون فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، كما تعلمون الآن كيف حال الناس، لقد تغيرت الأحوال وتحول الفقراء إلى أغنياء أصحاب ثروات، وتحضرت البادية وبنوا وتطاولوا في البنيان، وهذا مصداق ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
/ قال: فمضى، فلبثنا مليا، فقال: يا عمر أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم /. [55]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[55] قال: ثم خرج ولبثنا مليا: يعني وقتا قصيرا.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عمر أتدري من السائل؟ أو أتدرون من السائل؟ وفي رواية /أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: علي بالرجل، فطلبوه فلم يقدروا عليه /.
قال: هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم: هذا الذي دخل وسأل هذه الأسئلة هو جبريل عليه السلام، وجاء في صورة رجل كما وصف لغرض تعليم الحاضرين أمور دينهم على طريق السؤال والجواب.
فدل هذا الحديث على مسائل عظيمة:
الأولى: أن الدين ينقسم إلى ثلاثة مراتب: الإسلام والإيمان والإحسان، كل مرتبة أعلى من التي قبلها، وأن كل مرتبة لها أركان: أركان الإسلام، وأركان الإيمان والإحسان ركن واحد.
الثانية: فيه التعليم بطريق السؤال والجواب، وهذه طريقة تعليمية ناجحة؛ لأنها أدعى للانتباه وتلقي العلم، كونه يسأل ويتهيأ ذهنه يتطلب الجواب، ثم يلقي عليه الجواب وهو يتطلع إليه، يكون هذا أثبت.
الثالثة: في الحديث دليل على أن من سأل عن علم وهو لا يدري أن يقول: الله ورسوله أعلم، يكل العلم إلى عالمه، فلا يتكلم بالجواب وهو لا يعرفه ويتخرص، هذا لا يجوز، والرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عن