فهرس الكتاب
الصفحة 67 من 122

لو قلت: لا معبود إلا الله، هذا غلط كبير؛ لأن المعبودات كلها تكون هي الله -تعالى الله عن هذا- لكن إذا قيدتها وقلت: بحق، انتفت المعبودات كلها إلا الله سبحانه وتعالى، لا بد أن تقول لا معبود حق، أو لا معبود بحق إلا الله. ثم بين ذلك على لفظ الكلمة.

لا إله: النفي، نفي للعبودية عما سوى الله.

إلا الله: هذا إثبات للعبودية لله وحده لا شريك له.

فلا إله إلا الله تشتمل على نفي وإثبات، ولا بد في التوحيد من النفي والإثبات لا يكفي الإثبات وحده، ولا يكفي النفي وحده، بل لا بد من النفي والإثبات كما قال تعالى: / فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ / [البقرة: 256] / وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا / [النساء: 36] .

فلو قلت: الله إله، هذا لا يكفي، اللات إله، والعزى إله، ومناة إله، كل الأصنام تسمى آلهة.

فلا بد أن تقول: لا إله إلا الله، فلا بد من الجمع بين النفي والإثبات حتى يتحقق التوحيد وينتفي الشرك.

وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى: / وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ / إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ / وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ / [الزخرف: 26، 28] [35] .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[35] خير ما يفسر القرآن القرآنُ، فلا إله إلا الله فسرها الله في القرآن، وذلك في قول الخليل عليه الصلاة والسلام فيما ذكر الله عنه: / إِنَّنِي بَرَاءٌ /هذا النفي لا إله، / إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي /: يعني إلا الله، هذا الإثبات.

فهذه الآية تفسير معنى لا إله إلا الله تمامًا.

وقوله تعالى: / قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ / [آل عمران:64] [36] .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[36] وقوله تعالى: / قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا /هذه الآية من سورة آل عمران نزلت في وفد نجران النصارى الذين قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم وناظروه وسألوه، وحصل بينهم وبينه كلام طويل، وهم نصارى من نصارى العرب، وفي النهاية طلب النبي صلى الله عليه وسلم منهم المباهلة: / فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ / [آل عمران: 61] .

فلما طلب منهم المباهلة خافوا ولم يباهلوه عليه الصلاة والسلام، ودفعوا له الجزية؛ لأنهم يعلمون أنهم على باطل، وأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

نبتهل: أي ندعو باللعنة على الكاذب منا، وكانوا يعلمون أنهم هم الكاذبون، ولو باهلوه لنزلت عليهم النار وأحرقتهم في مكانهم، فقالوا: لا، لكن ندفع الجزية ولا نباهلكم، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم منهم الجزية، لقد تبين أن الله أمره بما في هذه الآية.

وهذه الآية فيها معنى لا إله إلا الله، قوله: ألا نعبد هذا النفي، وقوله: إلا الله هذا الإثبات، وهذا هو العدل الذي قامت له السماوات والأرض، فالسماوات والأرض قامت على التوحيد والعدل، لا نشرك في عبادته شيئًا لا

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام